صلىاللهعليهوسلم قوله انه في السماء ، ومثل ذلك قوله للجارية : اين الله؟ فقالت في السماء ، فقال لسيدها اعتقها فانها مؤمنة.
وينبغي لرجل السنة أن لا يستوحش من قراءة هذه الآيات والأحاديث ولا يتهيب الاستدلال بها على علوه تعالى على خلقه لما فيها من ايهام انحصاره تعالى في بعض مخلوقاته على ما «في» من معنى الظرف ، لانا نقول انها لا تدل على الانحصار عقلا ولا عرفا ولا لغة ، فقد أجمع السلف على أن «في» هنا ليست على معناها من الظرفية ، وانما هي بمعنى «على» كما في قوله تعالى : (لَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ) [طه : ٧١] فهي هنا بمعنى الفوق للاتفاق على أن الله لا يحصره ولا يحيط به شيء من خلقه ، أو يراد من السماء في الآيات والأحاديث جهة العلو ، ولا شك أن الله في هذه الجهة ، فله العلو المطلق على سائر خلقه ، بحيث لا يكون شيء منها حاصرا له ولا محيطا به ، فهو سبحانه ليس في جهة وجودية من هذه الجهات الواقعة داخل هذا العالم ، ولكن الجهات كلها بالنسبة إليه عدمية ، فإنه فوق عرشه ، والعرش هو الجسم الذي تنتهي به كرة العالم ، فالله عز شأنه هناك حيث انتهت جميع المخلوقات ، فهو فوقها مباين لها محيط بها ، ولا يحيط به شيء منها.
فإذا فهم علوه تعالى على خلقه بهذا المعنى ، فما الذي ينكره المعطل على من أثبت هذا العلو وصفا لله عزوجل ما دام هذا العلو لم يقتض حلولا ولا انحصارا والا اتصالا بالمخلوق. وهل يجوز لمن عنده مسكة من العقل السليم والفهم الصحيح أن يرد هذا بعد تصوره على هذا النحو الذي لا يقتضي نقصا ولا محالا ، ان رده وانكاره لا يكون إلا عن أحد أمرين لا ثالث لهما : اما جهل بحقيقته وعدم فهم لمعناه ، واما تعصب وحمية وطاعة للشيطان الرجيم.
* * *
فصل
هذا وعاشرها اختصاص البعض |
|
من أملاكه بالعند للرحمن |