الله الذي اختاره لعباده ورضيه لنفسه دينا وهو الدين القيم الذي لا عوج فيه ولا انحراف فيجب أن يكون واحدا لا اختلاف فيه لأنه يقوم على الأخبار المتعلقة بأسماء الله عزوجل وصفاته وأفعاله والاخبار عن اليوم الآخر وما فيه. ومن المحال أن يقع بين الرسل اختلاف في هذه الاخبار لأن ذلك يستلزم أن يكون بعضها صادقا وهو ما طابق الواقع منها. وما عداه يكون كذبا وحاشا للرسل أن يكذبوا على الله عزوجل ويخبروا عنه بخلاف ما عليه الأمر ، وأما الشرائع والأحكام الأمرية الطلبية فهذه لا يضر الاختلاف فيها مع القطع بأن شرائعهم كلها عادلة ومستقيمة.
ونقطع كذلك انهم دعوا أممهم الى قواعد الايمان الخمسة التي هي أولا الايمان بالله على الوجه الصحيح القائم على توحيده في إلهيته ، فلا معبود غيره ، وفي ربوبيته فلا خالق ولا مالك سواه ، وفي اسمائه وصفاته ، فنثبت له كل ما أثبته لنفسه وما أثبته له رسله من غير تكييف ولا تمثيل ، وفي أفعاله فلا شريك له فيها وليس لغيره فعل يشبه فعله الى غير ذلك من شئونه جل شأنه.
وثانيا : الايمان بالرسل الذين جعلهم الله عزوجل وسطاء بينه وبين خلقه في تبليغ أمره ونهيه فضلا منه ورحمة ، والايمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام يتضمن الايمان بعصمتهم في التبليغ وعدم كتمانهم لشيء مما أمروا بتبليغه وصدقهم في كل ما أخبروا به عن الله عزوجل الخ ما يتعلق بهم.
وثالثا : الايمان بالكتب المنزلة على هؤلاء الرسل عليهم الصلاة والسلام نورا وهدى للناس ، قال تعالى (لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا بِالْبَيِّناتِ ، وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ وَالْمِيزانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) [الحديد : ٢٥] ويجب الايمان تفصيلا بأربعة منها لورودها في القرآن ، وهي التوراة التي أنزلت على موسى الكليم ، والزبور الذي أنزل على داود والإنجيل الذي أنزل على عيسى والقرآن الذي أنزل على محمد وهو المهيمن عليها جميعا.
ورابعا : الايمان باليوم الآخر على الوجه الصحيح الذي أخبرت عنه الرسل