وحده لاثبات ذلك المطلوب ، وهو أن الله فوق عرشه مباين لخلقه ، فهل يعقل بعد ذلك أن يترك أهل الحق هذه الأدلة القاطعة التي هي أوضح من الشمس في رائعة النهار من أجل تشغيب هؤلاء المعطلة وتمويهاتهم الباطلة ، وقد حكموا عقولهم الفاسدة في أمور نطق بها صريح الوحي ولم يترك فيها مجالا لرأي ، فما هم على شيء من الدين حتى ينزعوا عن غرورهم ويرجعوا إلى وحي ربهم ويذعنوا له ويحكموه في كل دقيق وجليل من أمور الدين ، ثم يرضوا بحكمه ويسلموا له تسليما.
* * *
قد أقسم الله العظيم بنفسه |
|
قسما يبين حقيقة الايمان |
أن ليس يؤمن من يكون محكما |
|
غير الرسول الواضح البرهان |
بل ليس يؤمن غير من قد حكم ال |
|
وحيين حسب فذاك ذو إيمان |
هذا وما ذاك المحكم مؤمنا |
|
ان كان ذا حرج وضيق بطان |
هذا وليس بمؤمن حتى يسلم |
|
للذي يقضي به الوحيان |
يا قوم بالله العظيم نشدتكم |
|
وبحرمة الايمان والقرآن |
هل حدثتكم قط أنفسكم بذا |
|
فسلوا نفوسكم عن الإيمان |
الشرح : يشير المؤلف بهذه الأبيات الى الآية الكريمة التي في سورة النساء والتي نزلت في شأن المنافقين الذين احتكموا الى الطاغوت وأعرضوا عن حكم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، أعني قوله تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [النساء : ٦٥] فقد أقسم الله في هذه الآية الكريمة بنفسه أن هؤلاء لا يكونون مؤمنين أبدا حتى يحكموا الرسول صلىاللهعليهوسلم فيما ينشب بينهم من خصومات ، ثم لا يقابلوا حكمه بالحرج وضيق الصدر ، بل يرضوا به ويذعنوا ، وبعد وفاتهصلىاللهعليهوسلم انما يكون التحاكم الى كتاب الله وسنة رسوله فلا يتم ايمان أحد حتى يحكمهما وحدهما ويسلم للذي يحكمان به كما قال تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ