ولا وجود لها إلا في الذهن ، وهؤلاء يقيسون الألفاظ على تلك المجردات قياس فاسد على فاسد ، فيسمون اللفظ كليا وهو معين فرد. وكذلك يسمون معناه الجزئي كليا مع أن تجريد اللفظ عن كل قيد يجعله من قبيل الممتنع الذي لا وجود له لا في العقل ولا في الخارج ، بل يكون كخيال السكران خرافة وهذيان.
لكن تجردها المقيد ثابت |
|
وسواه ممتنع بلا إمكان |
فتجرد الأعيان عن وصف وعن |
|
وضع وعن وقت لها ومكان |
فرض من الأذهان يفرضه كفر |
|
ض المستحيل هما لها فرضان |
الله أكبر كم دهى من فاضل |
|
هذا التجرد من قديم زمان |
تجريد ذي الألفاظ عن تركيبها |
|
وكذاك تجريد المعاني الثاني |
والحق أن كليهما في الذهن مفروض |
|
فلا تحكم عليه وهو في الأذهان |
فيقودك الخصم المعاند بالذي |
|
سلمته للحكم في الأعيان |
فعليك بالتفصيل إن هم أطلقوا |
|
أو أجملوا فعليك بالتبيان |
الشرح : يعني ان التجريد إذا كان مقيدا ببعض القيود فهو ثابت. وأما سواه وهو التجرد المطلق عن كل وصف وقيد فممتنع غير ممكن ، فتجرد الأعيان الخارجية عن الوصف والكيفية ، وعن الوضع الذي تكون عليه ، وعن الوقت والزمان الذي هو ظرف لوجودها ، وعن المكان والحيز الذي تشغله ، كل هذا أمر يفرضه الذهن كما يفرض المستحيل.
ومن العجيب المؤسف أن كثيرا من الفضلاء قد دهاهم هذا التجرد منذ القدم فآمنوا بهذه الخرافة ، وأثبتوا في عالم الأعيان أشياء يسمونها المجردات ينفون عنها كل وصف وقيد ، فيقولون لا حيز لها ولا مكان ولا جهة ولا توصف بقرب ولا بعد ولا اتصال ولا انفصال ، وليست بذات صورة ولا كم ، ولا مقدار ولا ثقل ، ولا لون ولا تقبل الإشارة إليها بأنها هنا أو هنا إلخ ما نعتوها به من ألقاب النفي التي تجعلها من قبيل المعدوم الممتنع ، ويجعلون الله جل