قصدوا إليه بدون دليل ولا قرينة توجب ذلك التأويل. ولكنهم بالنسبة لنصوص الوحي من الآيات والأحاديث لا يسلكون هذا المنهج ، بل يرونها ظواهر لفظية معزولة عن إفادة اليقين ، يقولون أن دلالتها ظنية لا تفيد إلا احتمالا راجحا ، فهي لا تغني عن طالب الحق شيئا ، بل يجب أن يسلك طريق البرهان العقلي إذا أراد تحصيل اليقين.
فهؤلاء الحيارى المنهوكون بلغت بهم الجرأة والقحة أن يقدموا أقوال شيوخهم على نصوص الوحي ، فهي عندهم محكمة لا تقبل التأويل ولا تحتمل أكثر من معنى. وأما نصوص الوحيين فهي في نظرهم متشابهة لا تفهم معنى واحدا ولا يجوز حملها على ظواهرها ، وهي أيضا ظنية الدلالة لا تفيد علما ولا تورث يقينا ، ولكن عقولهم المريضة هي الطريق الوحيد لإفادة العلم واليقين ، فما أسوأ ظن هؤلاء بربهم ، وما أجرأهم على كتابه الذي سماه بيانا وهدى وشفاء ورحمة ، وما أشد استخفافهم بسنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي هو أفصح الناس وأظهرهم بيانا وأصدقهم قيلا وأحسنهم حديثا.
* * *
وسطوا على الوحيين بالتحريف إذ |
|
سموه تأويلا بوضع ثان |
فانظر إلى الأعراف ثم ليوسف |
|
والكهف وافهم مقتضى القرآن |
فإذا مررت بآل عمران فهم |
|
ت القصد فهم موفق رباني |
وعلمت أن حقيقة التأويل تب |
|
يين الحقيقة لا المجاز الثاني |
ورأيت تأويل النفاة مخالفا |
|
لجميع هذا ليس يجتمعان |
اللفظ هم أنشوا له معنى بذا |
|
ك الاصطلاح وذاك أمر دان |
وأتوا إلى الحاد في الأسماء |
|
والتحريف للألفاظ بالبهتان |
فكسوه هذا اللفظ تلبيسا وتد |
|
ليسا على العميان والعوران |
الشرح : فهؤلاء إذ لم يرضوا لنصوص الوحيين حتى مثل ما جعلوه لكلام شيوخهم من الاحترام والوقوف بها عند ظواهرها ، أخذوا يتلاعبون بها