الله عزوجل بعلمه ، ولهذا لا يخوض فيها الراسخون في العلم بتأويل ولا تفسير ، ولكنهم يقابلونها بالتفويض والتسليم قائلين ما حكاه الله عنهم : (آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا). [آل عمران : ٧].
هذه هي حقيقة التأويل كما تدل عليها جميع استعمالاته في القرآن الكريم ، لا يراد منه إلا بيان حقيقة الشيء المطابقة للخبر عنه ، فأين هي إذا من تأويل أولئك النفاة الذين يستعملون لفظ التأويل بمعنى المجاز الذي هو صرف اللفظ عن حقيقته إلى معنى آخر بعيد لا يحتمله إلا بكثير من التكلف. فهؤلاء ينشئون للفظ معنى غير معناه المتبادر منه ، ويصطلحون على استعمال ذلك اللفظ في ذلك المعنى الذي اخترعوه ، ويلبسونه إياه ثوب زور ليلبسوا به على الجهلة وضعفاء العقول ، وبذلك يلحدون في الأسماء ، ويحرفون الألفاظ عن معانيها زورا وبهتانا والله أعلم.
* * *
فاستن كل منافق ومكذب |
|
من باطني قرمطي جان |
في ذا بسنتهم وسمى جحده |
|
للحق تأويلا بلا فرقان |
وأتى بتأويل كتأويلاتهم |
|
شبرا بشبر صارخا بأذان |
أنا تأولنا كما أولتم |
|
فأتوا نحاكمكم إلى الوزان |
في الكفتين نحط تأويلاتنا |
|
وكذاك تأويلاتكم بوزان |
هذا وقد أقررتم انا بأي |
|
دينا صريح العدل والميزان |
وغدوتم فيه تلاميذا لنا |
|
أو ليس ذلك منطق اليونان |
منا تعلمتم ونحن شيوخكم |
|
لا تجحدونا منه الإحسان |
فسلوا مباحثكم بسؤال تفهم |
|
وسلوا القواعد ربة الأركان |
من أين جاءتكم وأين أصولها |
|
وعلى يدي من يا أولي النكران |
فلأي شيء نحن كفار |
|
وأنتم مؤمنون ونحن متفقان |
الشرح : يعني أن هؤلاء المتأخرين من الأشعرية لما فتحوا باب التأويل