لنصوص وحرّفوها عن مواضعها حتى توافق ما رأته عقولهم ، هيئوا بذلك فرصة عظيمة لأهل النفاق والكذب من القرامطة الباطنية أن يستندوا بسنتهم في ذلك ، فيجحدوا الحق المبين ، ويسموا ذلك تأويلا بلا فارق أصلا بين تأويل هؤلاء وتأويل أولئك ، فالكل صرف للألفاظ عن ظواهرها وحمل لها على معان أخرى بمحض الهوى. فلو قدر أن أولئك المتأولين من الأشعرية لاموا هؤلاء الجناة من الباطنية على ما أوغلوا فيه من التأويل ، لاستطاعوا إفحامهم بأنا تأولنا كما تأولتم ، فنحن وأنتم في هذا الباب سواء ، وإلا فدلونا على فارق يجعل التأويل حلالا لكم وحراما علينا ، ونحن مستعدون أن نتحاكم نحن وأنتم إلى وزان يضع تأويلاتنا في كفة ويضع تأويلاتكم في الكفة الأخرى ، وسترون حينئذ أن تأويلاتنا أرجح من تأويلاتكم ، وأننا أولى بهذا الأمر منكم ، لأننا أهل المنطق وأساتذته ، وأما أنتم فتلاميذ لنا فيه ، وهذا أمر تقرون به ولا تنكرونه ، فنحن شيوخكم في المعقول ، ومنا تعلمتم تركيب الأقيسة وفنون الحجاج ، فمنا العلم الثاني الفارابي والشيخ الرئيس ابن سينا اللذان مهدا لكم سبيل هذا العلم وأحكما قواعده ، وأنتم عالة عليهما في كل ما تقررونه. وإن أبيتم إلا الإنكار فارجعوا إلى مباحثكم واسألوها وإلى قواعدكم فاستفتوها. وهي تنبئكم نبأ صدق من أين جاءتكم وأين وجدتم أصولها ، وعلى يدي من وصلتكم ، حتى تقروا لنا بالسبق في هذا المضمار والتفوق عليكم فيه.
وإذا تبين لكم هذا وتحققتموه ، فنحن نسألكم لما ذا أنتم مؤمنون ونحن كفار وطريقتنا واحدة والاتفاق بيننا قائم على :
* * *
أن النصوص أدلة لفظية |
|
لم تفض قط بنا إلى إيقان |
فلذاك حكمنا العقول وأنتم |
|
أيضا كذاك فنحن مصطلحان |
فلأي شيء قد رميتم بيننا |
|
حرب الحروب ونحن كالأخوان |
الأصل معقول ولفظ الوحي مع |
|
زول ونحن وأنتم صنوان |