والعداوة اللدود لأهل العلم والإيمان ، يودون لو خلت منهم الدنيا حتى يستريحوا من استطالتهم عليهم بالآثار والقرآن ، فهم يطلبون دماءهم ، ويسعون في الإيقاع بهم لا بالحق والعدل بل بالكفر والعدوان ، وبما يرمونهم به من البهتان ، وهم مع ذلك قد بسطوا إليهم ألسنتهم بالسوء ، عداوة منهم للسنة والقرآن ، وجعلوا سبابهم مضغ أفواههم وطعام حلوقهم وقربتهم التي يتقربون إلى الله بها. وليتهم فعلوا ذلك عن جدارة وكفاية ، وكان عندهم من العلم والمعرفة ما يؤهلهم للنزول في مضمار الخصومة والجري في حلبتها ، إذا لعرفنا لهم حقهم وشكرنا لهم هذه الهمة في المنازلة والدفاع ، ولكنهم لا يصدرون في ذلك إلا عن كبر في صدورهم ما هم ببالغيه ، وإعجاب منهم بآرائهم الضالة ، وزيادة تيه وعدم معرفة منهم بأقدارهم صلفا وغرورا ، وهم مع ذلك متخلفون أشد التخلف ، قاصرون كل القصور عن أقل درجات الإيمان والإحسان.
ولا يعجبن القارئ من وصف الشيخ رحمهالله لهؤلاء الجامدين المتعصبين بما وصفهم به ، فإنهم طالما عادوه وعادوا شيخه شيخ الإسلام وحجة الدهر ابن تيمية رحمهالله ورضي عنه ، ورموهما بكل نقيصة من الضلال والإضلال والكفر والإلحاد ، الخ ما يشتمل عليه قاموس المطاعن والمفتريات ، وأليك نموذجا واحدا مما يقوله التقي السبكي في العلامة ابن القيم خلال رده الهزيل المتهافت على تلك النونية العصماء. فقد قال عند تعليقه على قول الناظم في شأن إمام الحرمين الجويني :
(ولقد وجدت لفاضل منهم مقا |
|
ما قامه في الناس منذ زمان الخ) |
«فانظر أن مالكا رضي الله عنه ـ وناهيك به ـ قد فسر الحديث بما قال هذا المتخلف النحس أنه الحاد ، فهو الملحد عليه لعنة الله ما أوقحه وما أكثر تجرأه؟ أخزاه الله».
ثم يعلق على تلك العبارات البشعة التي تدل على قذارة قائلها وخلوه من كل