لو لم تقل فوق السماء ولم تشر |
|
باشارة حسية ببنان |
وسكت عن تلك الأحاديث التي |
|
قد صرحت بالفوق للديان |
وذكرت أن الله ليس بداخل |
|
فينا ولا هو خارج الأكوان |
كنا انتصفنا من أولى التجسيم بل |
|
كانوا لنا اسرى عبيد هوان |
لكن منحتهم سلاحا كلما |
|
شاءوا لنا منهم أشد طعان |
وغدوا بأسهمك التي أعطيتهم |
|
يرموننا غرضا بكل مكان |
لو كنت تعدل في العبارة بيننا |
|
ما كان يوجد بيننا رجفان |
هذا لسان الحال منهم وهو في |
|
ذات الصدور يغل بالكتمان |
يبدو على فلتات أنفسهم وفي |
|
صفحات أوجههم يرى بعيان |
سيما اذا قرئ الحديث عليهم |
|
وتلوت شاهده من القرآن |
فهناك بين النازعات وكورت |
|
تلك الوجوه كثيرة الألوان |
ويكاد قائلهم يصرح لو يرى |
|
من قابل فتراه ذا كتمان |
اللغة : يقال انتصف من خصمه اذا غلب عليه بالحجة وقهره ، والغرض هو الشيء الذي ينصب للرمي كالهدف ، والرجفان من الرجفة والاضطراب ، وهو الشديد الفزع والشاهد هو المطابق المؤيد. وقوله : بين النازعات وكورت ، يعني به قوله تعالى في سورة عبس في وصف وجوه الكفار : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ) [عبس : ٤٠ ، ٤١].
الشرح : هذا من جملة خطاب الجهمي للرسول صلىاللهعليهوسلم يحكيه عنه المؤلف ، يعني أنك لو لم تقل بأن الله فوق السماء ولم تشر إليه بالاشارة الحسية الى جهة الفوق ، ولم تتحدث بتلك الأحاديث المستفيضة التي تصرح باثبات تلك الجهة لله ، ولو أنك بدلا من هذا ذكرت ما يفيد تنزهه عن الجهة والمكان ، فقلت انه ليس داخل العالم ولا خارجه ، لكنا بذلك قد انتصرنا على المجسمة وحجزناهم في أقماع السمسم ، حيث يكون معنا سلاح النقل الى جانب ما عندنا من المعقول ، لكنك منحتهم بهذه الأحاديث والنصوص سلاحا جبارا يطعنوننا به كلما شاءوا