ولم يشتغل بصرفها عما تفيده من معان توهم التشبيه ، فهو حشوي بعيد عن التحقيق وليس من العلماء الراسخين ، وربما ظن الجاهل من هؤلاء الجهمية أنهم إنما سموا حشوية لأنهم جعلوا ربهم حشو هذا الكون ، أي داخله ، لأن مذهبهم يقوم على أن الله في السماء وأنه فوق العباد ، وإنما أوقعهم في هذا الجهل توهمهم أن (في) عند قولنا الله في السماء للظرف فتفيد أن الله مظروف في السماء ، وأن السماء حاوية له وهذا القول الذي نسبوه إلى الحشوية في زعمهم لم يسمع عن فرقة من فرق الإسلام أنها قالت به وذهبت إليه حتى المشبهة الذين صرحوا بالتشبيه لم يقولوا أنه محصور في السماء ولكنهم أرادوا بذلك بهت أهل الحديث بما ليس من قولهم ، فتبا لهم على سوء بهتهم وعظيم افترائهم ، بل قول أهل الحديث الذي يصرحون به دائما أن الله فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه ، وأنه لا يحصره ولا يحيط به شيء من مخلوقاته ، وأن الكون كله بسماواته وأرضه في قبضة يده جل شأنه كخردلة في يد أحدنا ، فتعالى الله عما يقوله الظالمون علوا كبيرا.
وإذا عرف أن هذا هو مذهب أهل السنة والحديث ، فمن على هذا يكون محصورا في الآخر ، هو جل شأنه أم السماء؟ لا جرم أن السماء والكون كله هو المحصور المقهور تحته سبحانه. ولكن القوم لا يكفون عن عدوانهم على أهل السنة وبهتهم لا يخفى على الله الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وسيجزيهم عليه يوم القيامة أشد الجزاء.
المفردات : الفضلة : الشيء الزائد الذي لا يؤبه له ـ والبهت رميك غيرك بما ليس فيه ـ قولهم أي مذهبهم ، وهو مبتدأ خبره الجملة بعده.
* * *
يا قوم إن كان الكتاب |
|
وسنة المختار حشوا فاشهدوا ببيان |
أنا بحمد الهنا حشوية |
|
صرف بلا جحد ولا كتمان |
تدرون من سمت شيوخكم بهذا |
|
الاسم في الماضي من الأزمان |
سمى به ابن عبيد عبد الله ذا |
|
ك ابن الخليفة طارد الشيطان |