من كيد حقود مثله ، فليمت غيظا ، وستبقى هذه الآيات الكريمة سيفا مصلتا فوق رأسه تنادي بفساد قوله وبطلان رأيه ، ولو لا هيبة الاسلام ورجالاته في قلوب هؤلاء الجبناء لنقضوا حبل الإسلام عروة عروة ، وأتوا على بنائه من القواعد ، ولكنهم لا يجرءون على العمل ظاهرين.
فلقد رأيتم ما جرى لأئمة الإ |
|
سلام من محن على الأزمان |
لا سيما لما استمالوا جاهلا |
|
ذا قدرة في الناس مع سلطان |
وسعوا إليه بكل إفك بين |
|
بل قاسموه بأغلظ الأيمان |
إن النصيحة قصدهم كنصيحة |
|
الشيطان حين خلا به الأبوان |
فيرى عمائم ذات أذناب على |
|
تلك القشور طويلة الأردان |
ويرى هيولى لا تهول لمبصر |
|
وتهول أعمى في ثياب جبان |
فإذا أصاخ بسمعه ملئوه من |
|
كذب وتلبيس ومن بهتان |
فيرى ويسمع فشرهم وفشارهم |
|
يا محنة العينين والأذنان |
فتحوا جراب الجهل مع كذب فخذ |
|
واحمل بلا كيل ولا ميزان |
الشرح : يستدل على كيد هؤلاء للإسلام وأهله بما جرى على أيديهم من محن وأرزاء لأئمة الإسلام في جميع الأزمان ، كأحمد بن حنبل وشيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنهما ، لا سيما حين يستميلون إليهم الجهلة من الأمراء ويسعون إليهم بالإفك والافتراء مؤكدين إفكهم بالأيمان الفاجرة أنهم ما قصدوا إلا محض النصيحة كما أقسم إبليس لآدم وحواء حين خلا بهما في الجنة : (إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) [الأعراف : ٢١]. فلا يسع ذلك الجاهل إلا أن يغتر ببهتانهم ويؤخذ بزخرف أقوالهم ، لا سيما حين يرى عليهم عمائم كالأبراج ، قد أرخوا أذنابها على أقفائهم ، ويرى أجساما ضخمة كتلك التي حكاها الله عن المنافقين في قوله جل شأنه : (وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) [المنافقون : ٤] ولكن تلك الهيئة الضخمة لا تروع الحصيف العارف بحقيقة هؤلاء وما هم عليه من جهل وضلال ، وإنما تروع كل