بذاته فما أشبههم في ذلك بالرافضة الخبثاء أعداء الرسول وأصحابه حيث نصبوا العداوة للصحابة رضي الله عنهم وأسرفوا في سبهم وتنقيصهم ، ثم كل من والاهم وعرف لهم أقدارهم وسوالفهم في الدين ناصبيا ، فمن أولى بهذا الاسم من الفريقين؟ ورحم الله ابن تيمية حيث يقول :
إن كان نصبا حب صحب محمد |
|
فليشهد الثقلان أني ناصبي |
وكذلك هؤلاء المعطلة النافون لصفات الاثبات التي جاء بها الكتاب والسنة يصفون ربهم بصفات سلبية عدمية لا تكون إلا للمعدوم والممتنع ويزعمون ذلك تنزيها. فيقولون : أنه ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر ولا شخص ، وليس له مقدار ولا صورة ولا أين ولا يشار إليه ولا يقبل الاتصال والانفصال والقرب والبعد والصعود والهبوط والحركة والنقلة ، ولا يقال داخل العالم ولا خارجه إلى غير ذلك مما أجروه عليه من صفات السلب التي تقتضي عدمه فشبهوه في ذلك بالمعدوم فاجتمع لهم الوصفان من التشبيه والتعطيل ، بل إذا حقق عليهم الأمر كانوا مشبهة أولا ، فإن الذي حملهم على التعطيل والإنكار توهمهم أن إثبات الصفات تشبيه والصفات ثابتة في نفس الأمر فلزمهم التشبيه وما نفعهم التعطيل بل أوقعهم في تشبيه شر مما فروا منه فإنهم ما زادوا على أن شبهوه بالجامدات والمعدومات.
فهم لمّا توهموا أن إثبات القول لله يقتضي تشبيهه بكلام المخلوقين نفوه عنه ، وقالوا : ليس لله قول ولا كلام ، فشبهوه في ذلك بالجامدات التي لا تنطق وبالعجماوات الخرساء ، فهذان تشبيهان.
وكذلك ظنوا أن إثبات الصفات له مستلزم أن تكون كصفات المخلوقين ، فنفوها كذبا وبهتانا ، ولم يستطيعوا أن يثبّتوا بلا تمثيل ، فوقعوا في التشبيه والتعطيل ، وهم مع ذلك يعمدون إلى ما وصف به الرسول صلىاللهعليهوسلم ربه من صفات الاثبات ، فيسمون ذلك تشبيها. فمن أولى بهذا الاسم من الفريقين؟ الذين مثلوا فعطّلوا فمثلوا ، أن الذين أثبتوا بلا تمثيل ونزهوا بلا تعطيل ، مصدق قوله