«ولذلك» أي ولأجل تمام الغبطة والحسرة «لم يعجل الله كل الجزاء في الدنيا».
أما بعضه فيجوز إيصال شيء من الثواب في الدنيا لا يعتد بنقصانه في الآخرة ، وكذلك تعجيل بعض العقاب الذي لا يؤثّر في تخفيف العقاب عن المعاقب وقد تقدم ذكر ذلك.
وإنما لم يعجل الله سبحانه كل الجزاء لعدم تمامه بعدم القطع بكونه جزاء للمكلفين من الله تعالى على أعمالهم «ولتنغصه بانقطاعه في حق غيرهم» أي غير المكلفين «إذ لا بدّ من الفناء» للعالم «والإعادة» لجميع المخلوقين «لذلك» أي ليقع القطع بالجزاء «كما مرّ» في فصل فناء العالم.
«وقال «الزمخشري : يجوز» من الله سبحانه «تعجيل كل العقاب» في الدنيا لبعض المكلفين. ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) (١).
قال : ويدل على ذلك : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «ما أصاب الإنسان من نصب أو غمّ أو ألم حتى الشوكة يشتاكها فبذنبه وما يعفو الله عنه أكثر».
وعن بعضهم : من لم يعلم أن ما وصل إليه من الفتن والمصائب باكتسابه ، وأنّ ما عفى عنه مولاه أكثر كان قليل النظر في إحسان ربه إليه.
«قلنا» جوابا على الزمخشري «لم يعرف أنه» أي المعجّل «جزاء فلم يتم» كما ذكرنا.
«وأيضا : لا دليل» على ذلك.
قلت : وقد تقدم ذكر كلام الإمام عليهالسلام في بعض معاصي المؤمنين المتعمدة أنه يجوز تعجيل عقابها في الدنيا ، وهو قريب من قول الزمخشري وهو متأخر عن وضع الأساس لأنه جواب لمن سأله عن بعض معاني الأساس ، وهو قول الناصر عليهالسلام كما سبق ذكره.
__________________
(١) الشورى (٣٠).