صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإلّا لما قاتلوا وقتلوا.
فلو قدروا على المعارضة لكانت أهون عليهم من القتال.
وعلمنا أيضا ضرورة أنهم يعلمون أن أمره يبطل بالمعارضة إذا حصلت وأنه يبطل الفضل الذي ادّعاه على غيره.
فعلمنا حينئذ أنها لم تقع المعارضة البتة ، وأنهم عجزوا عنها.
فإن قيل : قد نقلت معارضة مسيلمة المتنبّئ :
روي أن مسيلمة قال في معارضته : إنا أعطيناك الجواهر فصلّ لربك وجاهر ولا تطع كل شيخ فاجر.
وقال : يا ضفدع بنت ضفدعين نقي في الماء ما تنقين لا الماء تكدرين ولا الشارب تمنعين ، أعلاك في الماء وأسفلك في الطين ، لنا نصف الأرض ولقريش نصفها ، ولكن قريشا قوم يجهلون.
قلنا إن هذا وأمثاله من جملة الهذيان الذي تمجّه الآذان وتعافه الأفهام وتسخر منه جميع الأنام ، ويعرفه كل ذي عقل قويم ولبّ سليم والمعارضة إنما تكون بالشيء الذي يشبه المعارض فيشتبه المتعارضان حتى يحصل الغرض المقصود وهو بطلان الفضل.
«وليس ذلك» أي عجزهم عن المعارضة «إلّا لبلاغته» وفصاحته «و» أما «الإخبار بالغيب» فهو «معجزة أخرى» مضافة إلى معجزة البلاغة كما سبق ذكره.
«والأمور المذكورة في سائر الأقوال» وهي كون قاريه لا يكل وسامعه لا يملّ ، والأمر الذي يحسّ به ولا يدرك ، والصّرفة التي ذكروها «إنما كانت كذلك» أي كما قالوا «لأجل بلاغته أيضا» فلما بلغت بلاغته الغاية التي عجز عنها المخلوق صار قاريه لا يكل وسامعه لا يملّ لما ذاقه فيه من الحلاوة والأخذ بمجامع القلوب.
(فصل)
«ونبيئنا» محمد «صلىاللهعليهوآلهوسلم» رسول من الله «صادق