صارت المعصية كالمعدومة لما مرّ أنها تحتّها حتّا فبطلت تلك المعصية في الحال والمآل.
قلت : وهذا الجواب إنّما يستقيم على قول أهل الموازنة وسيأتي إبطالها إن شاء الله تعالى.
ويلزمهم أن يكون تكفير السيّئات بالتوبة بالموازنة إذ لا فرق.
ثم نقول : وما دليلكم على أن ثواب الطاعة إنما حصلت كثرته بتزايد الأوقات وأنه لم يعدّه الله كثيرا من غير مرور الأزمان لأنّ الله سبحانه لم يخبرنا بذلك بل أخبرنا أنه أعدّه كثيرا دائما غير منقطع عنه.
قال أبو القاسم البلخي : لا يجب قبول التوبة على الله تعالى ولا أن يسقط بها عقاب حتى لو عوقب تائب لم يكن ظلما.
قال : وإنّما لا يعاقبه إذا تاب لأنه أصلح وهو بناء على أن الثواب غير واجب على الله لأن الطاعات شكر في مقابلة النعم.
(تنبيه)
اعلم : أنه لمّا كانت التوبة تصيّر المعصية كالمعدومة كذلك النّدم على الطاعة يصيّرها كالمعدومة حيث كان نادما على الطاعة لكونها طاعة كما قيل في التوبة إذ كل منهما بذل الجهد في التّلافي ذكره النجري.
وقوله : لكونها طاعة : محل نظر لأنه إذا كان كذلك فلا يبعد أن يقتضي الكفر والله أعلم.
«ولا تتم النجاة بها» أي بالتوبة «إلّا بعموم التوبة» أي بكون التوبة من كل ذنب فينجو بها التائب «اتفاقا» بين العلماء.
«وفي إسقاطها» أي التوبة «لما خصّ بها» أي لعقاب ما خصّ بها «من الذنوب خلاف» بين أهل علم الكلام.
«الأصحّ : أنه لا يقع» إسقاط لعقاب تلك المعصية المخصوصة بالتوبة ، وهذا القول حكاه الحاكم عن عليّ عليهالسلام وزيد بن علي