«والآية» المذكورة «تدل على عدم المغفرة مع عدم اجتناب الكبائر» فثبت أن التوبة لا تصحّ من بعض الذنوب دون بعض وسواء قلنا إنّ المراد بقوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) أي بالتوبة كما فسّره الإمام فيما سبق والمرتضى عليهماالسلام ، أو المراد : أن الصغائر مكفّرة في جنب اجتناب الكبائر كما هو مذهب الجمهور في أنه لا بدّ من عموم التوبة على الأول ، واجتناب الكبائر على الثاني والإصرار على بعض الذنوب من الكبائر كما تقدم. ولقوله تعالى : (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) (١) فلا تكون التوبة مقبولة إلّا من المتقي وهو الذي يعمّ بها جميع الذنوب.
«والمصرّ» على بعض الذنوب «غير متّق» لله تعالى قطعا فلا تقبل توبته.
(فصل)
في ذكر الإحباط وكيفيته :
«ومن لم يتب من» المعصية «الكبيرة الغير المخرجة من الملّة» أي ملّة الإسلام «وفعل طاعة» بعد فعل المعصية ولم يتب «سقط القضاء» (٢) أي قضاء تلك الطاعة التي فعلها وهو عاص لله تعالى «إجماعا» بين العلماء.
قلت : وليس ذلك من جهة أنّ الطاعة التي فعلها مقبولة منه بل لأن فعله الثاني مع عدم توبته كفعله الأول فلا فائدة إذا فيه ، وإن تاب فيمكن أن سقوط القضاء بالقياس على الكافر والمرتد كما قال الناصر عليهالسلام : من ترك الصلاة عامدا فسق وعليه التوبة دون إعادة الصلاة ، يعني قضاءها.
وكما قال القاسم عليهالسلام في جواب من سأله : عن رجل ترك الصلاة في حداثته عشر سنين وكان شارب مسكر ثم تاب : أيعيد الصلوات أم كيف يصنع؟
__________________
(١) المائدة (٢٧).
(٢) (ض) أن يسقط القضاء.