(باب التوبة)
«لا خلاف في وجوبها» بين المسلمين على من ارتكب معصية عقلا وسمعا :
أما عقلا : فلأنها دفع ضرر عن النفس ودفع الضرر عن النفس واجب عقلا.
وأمّا سمعا : فلورود الآيات الكثيرة بذلك.
وتجب «فورا» عقيب العصيان «لأنّ» التراخي إصرار و «الإصرار على المعاصي عصيان» بل هو معدود من الكبائر المحبطة للإيمان.
«و» أيضا «العاصي مخاطب بترك معصيته في كل وقت» فثبت وجوب التوبة فورا لذلك.
«وتصحّ» التوبة ويقبلها الله تعالى «مدة العمر» وإن عصى المذنب بتأخيرها «ما لم تحضره ملائكة الموت» فإذا حضرته الملائكة لقبض روحه فإنها لا تقبل توبته «لقوله تعالى» : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً) (١) أي حراما محرّما عليكم قبول الإنابة «ونحوها» كقوله تعالى : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ...) الآية (٢).
قال أبو علي : وتجب التوبة من الصغائر لأنه لا يخلو منها إلّا إلى
__________________
(١) الفرقان (٢٢).
(٢) النساء (١٨).