لا نحتاج إلى إمام ، بل أطبقوا على أن الإمامة حق مطلوب محتاج إليه.
وإنما وقع الاختلاف والخبط وركوب الأهواء في تعيين القائم بأمر الأمّة بعد النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وعلى هذا توالت الأعصار بعد يوم السقيفة فإنهم كانوا يفزعون إلى الإمام ويطلبونه ويعتقدون وجوب قيامه قطعا.
قلت : وعندي أن هذا الإجماع دليل على أن وجوبها بالعقل مقرّر كالشرع لأنهم إنّما أجمعوا على مقتضى ما ارتكز في عقولهم من احتياج الأمّة إلى رئيس.
ولنا أن نقرّر الإجماع على وجه آخر فنقول : أمر الله تعالى بإقامة الحدود على مرتكبيها ، وأجمعت الأمّة على أنه لا يتولى (١) الحدود إلّا الأئمة أو من يلي من جهتهم فيكون الأمر بإقامة الحدود أمرا بنصب الأئمة لأنّ ما لا يتم الواجب المطلق إلّا به وكان مقدورا للمكلف فهو واجب.
(فصل)
«ويجب على المسلمين في كل عصر إعانة من يصلح لها» أي للإمامة بالمال والنفس والجنان والأركان «إجماعا» بين الأمّة إلّا من أنكر وجوبها كما سيأتي وقد مرّ ذكرهم.
«لأنّ ثمرتها» أي فائدتها «وهي حفظ بيضة الإسلام ودفع التّظالم» بين المسلمين «وإنصاف المظلومين» من الظالمين «وإقامة الحدود» التي أمر الله تعالى بها في نحو قوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (٢).
«ونحو ذلك» كإقامة الجمعات وقسم الفيء والصدقات «لا يختص وقتا دون وقت» بل هي حاصلة في جميع الأوقات على سواء ، فلهذا وجب إعانة من يصلح للإمامة في كل وقت.
__________________
(١) (ش) لا يتولى إقامة الحدود.
(٢) المائدة (٣٨).