وأما قولهم : إنهم إذا جاءوا بما يخالف العقل لم يحسن قبوله :
فنقول : لم تجيء الرسل صلوات الله عليهم إلّا بما يوافق العقل ويؤكده لأنه الحجة الكبرى التي لا تنسخ ، والشرائع التي جاءت بها الرّسل موافقة لحكم العقل لأنها تذلل وشكر للمالك المنعم.
وما جاء من نحو ذبح البهائم وتحميلها المشاق ونحو ذلك موافق للعقل أيضا لعلمنا أن الله سبحانه عدل حكيم لا يظلم ولا تجوز عليه الحاجة فعلمنا حينئذ أن الله سبحانه قد ضمن لها من المصالح والأعواض ما يزيد على مقابلة ما نالها من الألم والمشقّة ، مع ما أراد جلّ وعلا من نفع المكلفين بها والتفضّل عليهم بلحومها وألبانها وأشعارها وجلودها وفي ذلك من الحكمة والنعمة والعدل ما لا يخفى على أهل العقول لأنّ الله سبحانه قد حكم بفناء الدنيا فجعل بعض آجال الحيوان بالذبح وجعل تحميلها المشاق كالآلام.
وأما قولهم : إنه يكتفى بالوصاية عن البعثة فليس وصيّ الرسول كالرسول فضلا عن وصيّ وصيّه أو وصيّ وصيّ وصيّ وصيّ وصيّ وصيّه.
وذلك معلوم من أحوال فترات الرّسل وما يقع فيها من الضّلال عن الحق واتباع الهوى وابتداع ما يتوهّم كونه دينا كالسائبة والبحيرة والحامي وغير ذلك.
بخلاف أوقات الرّسل ، فلو كانت الوصاية كافية إلى آخر الدهر لما انطمست شريعة ولا خفي هدى ولكان الناس أمّة واحدة غير مختلفة.
(فصل)
قال «القاسم والهادي عليهماالسلام وغيرهما» كالزمخشري وقاضي القضاة وغيرهما : «والنبيء أعمّ من الرسول ، لأن الرسول من أتى بشريعة جديدة» أي لم تشرع من قبل.
ولو قلّت فلا يشترط في الرسول أن تكون كل شريعته جديدة «من غير واسطة رسول» يريد من البشر ، لأن واسطة الملك نحو جبريل لا تخرج الرسول عن أن يكون رسولا.