قلت : ولكنهم قالوا : إنا لا نقطع بالجهل ببعض المصالح وإنّما نجوّز ذلك تجويزا ونجوّز عدمه ، فمع تجويز عدمه لا يجوز بعثة الرسل للاستغناء بالعقل كما مرّ ذكره عنهم.
«و» اعلم أنه «لا خلاف في حسنها» أي بعد وقوعها «بين الأمّة» الإسلامية.
وقالت «البراهمة» وهم فرقة من الكفار بالهند : «بل» بعثة الرسل «قبيحة».
قالوا : «إذ العقل كاف» في معرفة الواجبات والمقبّحات ، فبعثتهم لتعريف ذلك عبث.
وإذا جاءوا بما يخالف العقل لم يحسن منّا قبوله.
وقال القاسم بن إبراهيم عليهماالسلام في الردّ على الرافضة ما لفظه : زعمت الرافضة أنه لم يكن قرن من القرون خلا ولا أمّة من الأمم الأولى إلّا وفيها وصيّ نبيء أو وصيّ من وصيّ حجة لله قائمة عليهم ... إلى أن قال : وما قالت به الرافضة في الأوصياء من هذه المقالة فهو قول فرقة كافرة من أهل الهند يقال لهم : (البرهميّة تزعم أنها بإمامة آدم من كل رسول وهدى مكتفية).
وأن من ادّعى بعده رسالة أو نبوّة فقد ادّعى دعوى كاذبة ، وأنه أوصى بنبوّته إلى شيث ، وأنّ شيثا أوصى إلى وصي من ولده ثم يقودون وصيته ، ولا أدري لعلهم يزعمون أن وصيته اليوم فيهم. انتهى «قلنا» ردّا عليهم : «لا يهتدى (١) إلى امتثال أمر» المالك «المنعم إلّا بها» أي ببعثة الرسل كما سبق ذكره.
ثم نقول : يجوز أن يكون ما جاءوا به موافقا للعقل ولا يكون عبثا لأن القلوب مع دعائهم وظهور المعجز عليهم أقرب إلى الانصراف عن قبائح العقل والالتزام بمحسّناته كما أن (٢) للوعّاظ هذه المزية وإن كانوا يعظون بما قضى به العقل.
__________________
(١) (ب) لا نهتدي.
(٢) (ش) لوعظ الوعّاظ.