المرجح» لأحد الدليلين على الآخر ويرفضان دليليهما لتعارضهما واستوائهما ، ولا يكاد يستويان من جميع الوجوه ، وحينئذ يزول الاختلاف أيضا.
فإن لم يوجد غيرهما ولم يعلم المرجح فكما لو لم يعلما الاختلاف.
«وإن لم يعلما» اختلافهما «وجب على كل واحد منهما العمل بمقتضى ما رآه» أي ظنّه واجبا عليه بالأمارة.
«لا لأنّهما مصيبان معا بل لإصابة الحق في حق المصيب» للحق منهما بالأمارات «ولاتقاء التّجاري على الله تعالى» أي ولأجل تجنّب التّجاري على الله سبحانه «بالإخلال بما يرى وجوبه عليه» للأمارة التي اقتفاها «في حق المخطي» للحق منهما.
إذ لو لم يعمل بما ظنّه واجبا عليه لكان قد تجارى على الله سبحانه بالعصيان له والمخالفة لأمره فيما يظن وجوبه «كمن يقسم من الأزواج في الليالي والقيلولة لمنكوحة في العدة» أي لامرأة نكحها في العدة «جهلا منه» بذلك «إذ لا خلاف» بين العلماء «في وجوب القسمة» عليه لها «ما دام جاهلا و» لا خلاف أيضا «في أنه غير مصيب» للحق في قسمته لها «في حقيقة الأمر» لأنّ نكاح المعتدة باطل فكذلك يكون حكم هذا المجتهد المخطي للحق في نفس الأمر.
(فصل)
«والنسخ لغة» أي في لغة العرب : «بمعنى الإزالة للشيء» يقال : نسخت الشمس الظّلّ أي أزالته ، ونسخت الريح آثار بني فلان أي أزالتها.
«وبمعنى النقل عند جمهور أئمتنا عليهم» «السلام وبعض المعتزلة».
ومعنى ذلك : أنه حقيقة مشتركة بين المعنيين يقال : نسخت الكتاب أو السّجلّ أي نقلت ما فيهما.
وفيه تجوّز لأنك لم تنقل ما فيهما حقيقة بل كتبت مثل ما فيهما.
والأصح في المثال قولك : نسخت النّحل أي نقلتها من موضع إلى موضع ومنه المناسخة في المواريث.