وأما النجدات من الخوارج وضرار بن عمرو فلم يوجبوا نصب الإمام في حالة من الحالات. وذهب إلى مثل هذا القرشي في المنهاج.
«قلنا» ردّا على المخالف في وجوبها أو زعم أن العقل لا يدل على ذلك : «التّظالم واقع بين الناس قطعا ولا يتم دفعه إلّا برئيس» للناس عموما يرجعون إليه ودفعه من غير رئيس يؤدّي إلى كثرته «ودفع التّظالم واجب عقلا فوجب» على المسلمين «إقامة رئيس» لهم «لذلك» أي لدفع التظالم.
«ودليلها شرعا قوله تعالى» : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) (١) قالَ أي إبراهيم عليهالسلام (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) أي واجعل يا رب من ذريتي أئمة من بعدي ينالون من فضلها وشرفها «قال لا ينال عهدي الظالمين» أي ومن ذريتك اجعل أئمة مهما كانوا أخيارا مؤمنين فإني لا أستثني إلّا الظالمين (٢) فإنهم لا ينالهم عهدي.
والمراد بالعهد هنا : ما يتحمله الإمام والنبيء من الحق العظيم والأعباء الثقال من التكاليف.
ووجه دلالة الآية : إنّ الله سبحانه اختار إبراهيم عليهالسلام للإمامة وجعله أهلا لها ، وكذلك من ذريته ، وإذا أذن الله سبحانه بذلك فقد حكم لهم بالإمامة وخصّهم بهذه الفضيلة دون غيرهم.
والعقل قد حكم بوجوب الإمامة جملة كما سبق فثبت بذلك وجوب الإمامة فيهم دون غيرهم لعدم الإذن فيمن سواهم.
«و» دليلها «من السّنّة ما يأتي إن شاء الله» قريبا.
«والإجماع» أيضا من الصحابة والتابعين وغيرهم.
فإنه لمّا توفي نبيئنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم أجمع جميع الناس على أنه لا بدّ من رئيس يقوم بأمر الأمّة ، ولم ينكر ذلك أحد فيقول :
__________________
(١) البقرة (١٢٤).
(٢) (ض) فإنّه.