عن بعض ولحفظ الشريعة وإحياء ما اندرس منها.
لأنّ الناس مع كثرتهم واختلاف هممهم وقوّة دواعيهم إلى العدوان وميل أنفسهم إلى الظلم لا يكادون ينزجرون ويكف بعضهم شرّه عن البعض (١) إلّا إذا كان هناك رئيس له قوة وسطوة وأعوان فيمنعهم خوفه عن التّوثّب في العدوان.
ولهذا إذا ضعف السلطان أو تشاغل عن النظر في أمور العامّة كثر في الناس الظلم والفساد وخافت الطرق وتغلب القوي على الضعيف ثم إنه لا توجد قبيلة في كل زمان إلّا ولها رئيس يمنع القوي من الضعيف وينتصف للمظلوم من الظالم.
وقال «بعض أئمتنا عليهم» «السلام» وهم بعض المتأخرين منهم «والجمهور» من غيرهم «بل» وجبت «سمعا فقط».
قالوا : لأنّ ثمرتها أمور شرعية كالحدود والجمعات.
قالوا : ولا إشكال أن الإمام لطف ومصلحة للخلق لكن العلم بكونه لطفا ومصلحة إنما طريقه الشرع كالنبوّة عندهم.
«وقيل : لا تجب» الإمامة لا عقلا ولا سمعا «لما سيأتي لهم».
قال في الشامل : أهل هذا القول : أبو بكر الأصم وضرار وهشام الفوطي وبعض المرجئة وبعض الحشوية والنّجدات من الخوارج.
قال : ثم اختلف هؤلاء :
فزعم الأصم أنه لا يجب نصب الأئمة في كل وقت وإنما يجب عند ظهور الظلم والتظالم بين الخلق ليدفع بنصب الإمام ظلم الناس.
وأما هشام : فزعم أن الأمر على عكس ذلك فقال لا يجب نصبه عند ظهور الظلم والتظالم بين الخلق لأنه ربّما قتلوه فيصير نصبه سببا في الفتنة ، فأما عند عدم الظلم وخلو الزمان عنهم فإنه يجب نصبه لإظهار شعار الإسلام وقوّة شوكته.
__________________
(١) (ب) عن بعض.