أما قياسهم فقالوا : لو لم تصحّ التوبة من ذنب دون ذنب آخر لزم في يهودي أسلم إسلاما محقّقا وهو مصرّ على غصب عشرة دراهم أن لا يصحّ إسلامه فيبقى على حكم اليهودية وذلك مخالف لإجماع الأمّة قال الإمام المهدي عليهالسلام قد أجاب قاضي القضاة : بأنهم إنما أجمعوا على صحة خروجه من اليهودية فقط ، ولا نسلم أنهم حكموا بصحة إسلامه وأنه قد صار حكمه حكم المؤمنين.
وأمّا خروجه من اليهودية فلعدم التزامه أحكامها من السبت وغيره كما لو خرج إلى النصرانية.
فأما أنه كتب له ثواب الإسلام أو (١) أجريت عليه أحكام المسلمين فهذا غير مسلّم ، بل عقابه باق لم ينقص منه شيء.
وأما أبو رشيد فزعم أنه قد استحقّ ثواب الإسلام وأنه يخفف عليه من عقاب الكفر.
وأما معارضتهم بالقياس فنقول : لو كانت التوبة من ذنب دون ذنب مقبولة لزم فيمن قتل ولدا لغيره وأخذ ماله أن يصحّ اعتذاره عن القتل دون أخذ المال فيبقى مصرّا ، والمعلوم أن مثل هذا الاعتذار عند العقلاء لا يقبل «فوجب طرحهما» أي القياسين المتعارضين «والرجوع إلى الآيات» الدالة على وجوب عموم التوبة «كما تقدم» «وكقوله تعالى» : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) فشرط في تكفير السيّئات اجتناب جميع الكبائر.
ومن تاب من بعض الذنوب دون بعض فلا شكّ أنه مصرّ على الذنب الذي لم يتب منه «والإصرار على بعض المعاصي من الكبائر» المحبطة للطاعات.
«و» حينئذ «هو» أي التائب من بعض الذنوب دون بعض «غير مجتنب» لجميع الكبائر لأنه مصرّ على بعضها.
__________________
(١) (أ) وأجريت.