«وقيل» بل وجه إعجازه «صرفة» مخصوصة «عن معارضته» أي صرف الله الخلق عن معارضته.
وهذا قول إبراهيم النظام وأبي إسحاق النصيبيني من المعتزلة ، واختاره الشريف المرتضى من الإمامية.
قال في الشامل : فإن عند هؤلاء أن الله تعالى ما أنزل القرآن ليكون حجة على النبوّة بل هو كسائر الكتب المنزلة لبيان الأحكام من التحليل والتحريم ، والعرب إنما لم يعارضوه ليس لكونه معجزا في نفسه وإنّما صرفهم الله عن معارضته مع إمكانها وصحتها منهم وسلبهم العلم بما قال فهذا محصول مذهب أهل الصّرفة.
«قلنا» في الجواب على أهل هذه الأقوال : «تحدّى الله به» أي بالقرآن «فصحاء العرب» جميعا.
ومعنى التّحدي : هو طلب الفعل ممّن عرف عجزه عنه إظهارا للعجز عن معارضته مأخوذ من (حدي) الإبل وهو حثّها على السير بكلام مخصوص يسمونه حديا. كذا ذكره في الغايات.
«فعجزوا» أي العرب «عن معارضة ما لا إخبار فيه بغيب من السّور» حيث قال تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (١) وفي آية : (قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٢).
وقوله : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) (٣).
والدليل على عجزهم علمنا ضرورة قوة دواعيهم إلى إبطال أمر النبيء
__________________
(١) البقرة (٢٣).
(٢) هود (١٣).
(٣) الإسراء (٨٨).