والفصاحة في عرف اللغة : يوصف بها الكلمة والكلام والمتكلم.
فيقال : كلمة فصيحة ، وكلام فصيح ، ومتكلم فصيح.
وبسط الكلام في ذلك في كتب المعاني والبيان.
والبلاغة يوصف بها الكلام والمتكلم فيقال : كلام بليغ ومتكلم بليغ ومعنى بلاغة الكلام : إيراده فصيحا مطابقا لمقتضى الحال من إيجاز وإطناب ومساواة مؤكّدا أو غير مؤكّد محسّنا بأي وجوه التحسين.
ولا شكّ أن ألفاظ القرآن المركبة حاصلة فيها حقيقة الفصاحة والبلاغة وذلك يعلم بالضرورة عند تتبع ألفاظه ومعرفة أساليب العرب في كلامها فيعلم كل عالم بلغة العرب مفرغ قلبه لاستماعه ومصغ إليه بكل لبّه ومتدبّر لعجائبه أنه ليس بكلام البشر إذ لا يساويه ولا يدانيه كلامهم ولا يقدر أحد منهم أن يأتي بمثله.
«وقيل» بل وجه إعجاز القرآن «للإخبار بالغيب» كقوله تعالى : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) (١) فأخبر أنهم لا يفعلون وكان كما قال ، وقوله تعالى : (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) (٢) وكان كما قال.
«وقيل» بل وجه إعجازه «كون قارئه لا يكل» عن تلاوته «وسامعه لا يمل» عن سماعه وهذا معلوم بالضرورة فإنه لا يزداد على كثرة تلاوته وترديده في كل وقت إلّا حلاوة في قلوب أهل الإيمان بخلاف غيره فإن تكريره يثقل على الألسن.
«وقيل» بل وجه إعجازه «سلامته من التناقض والاختلاف» مع كثرة أمثاله وقصصه وأحكامه فلو كان من البشر لجاز فيه التناقض والاختلاف كما قال تعالى : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٣).
«وقيل» بل وجه إعجازه «أمر يحسّ به ولا يدرك» بوصف ولا تعبير وكأنه يريد حلاوة تلاوته واستماعه.
__________________
(١) البقرة (٢٤).
(٢) الروم (٣ ـ ٤).
(٣) النساء (٨٢).