نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) (١) ولأنّ الله تحدّى بالقرآن الإنس والجن وأمّا يأجوج ومأجوج : فقيل ليسوا بمكلفين وإنما حكمهم حكم البهائم.
قلت : ولا بعد في هذا القول.
وقيل : هم مكلفون وهم من أولاد يافث بن نوح ، وهم والترك إخوة ، واختلف من قال بتكليفهم :
فقال بعضهم : مكلفون بالعقليات فقط دون الشرعيات لأنها لم تبلغهم.
وقيل : بل مكلفون بالعقليات والشرعيات معا.
وإن نبيئنا صلىاللهعليهوآلهوسلم أطلعه جبريل عليهالسلام عليهم ليلة الإسراء وبيّن لهم الشرائع فلم يقبلوا والله أعلم. وجحد أهل الإلحاد والبراهمة واليهود والنصارى نبوّة نبيئنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والحجة عليهم معروفة مشهورة ، وقد اكتفينا بما ذكرناه في الشرح.
«وأتى» نبيئنا صلىاللهعليهوآلهوسلم «بشريعة مبتدأة» أي لم يبلّغها غيره «وتقرير بعض الشرائع السالفة وهي» أي ـ الشرائع الماضية التي قررها هي «التي نصّ عليها وعمل بها» وأمر بها كالحج وآية القصاص والصلاة والصيام وقصّ الشارب والختان والمضمضة والاستنشاق وغير ذلك ، وإن اختلفت الشروط في بعضها.
«وقيل : بل» أتى النبيء صلىاللهعليهوآلهوسلم «بشريعة إبراهيم» عليهالسلام لقوله تعالى : (وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا ، قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) (٢).
وقوله تعالى : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ) (٣).
__________________
(١) الأحقاف (٢٩).
(٢) البقرة (١٣٥).
(٣) الحج (٧٨).