القبيح ، وأمّا استحقاق الذمّ والمدح فليس بمختصّ بعاقل دون عاقل ، فلذلك لا يسقط بإسقاط المسقط له ، وليس كذلك العقاب ، فإنّه حقّ الله على الخصوص فكان له اسقاطه.(١٥٤)
وأمّا التوبة ، فهي الندم على المعصية ، بشرط أن لا يعزم على المعاودة ، لا بشرط أن يعزم على ترك المعاودة ، والفرق بينهما ظاهر. وربّما قيل : إنّ العزم على ترك المعاودة جزء من التوبة ، وربما جعل شرط فيها (١٥٥) ، وكلا الأمرين خال عن دلالة. (١٥٦)
__________________
(١٥٤) ليس في كلام المصنّف ـ رحمهالله ـ جواب النقض بإسقاط الثواب. قال الشيخ الطوسي في الاقتصاد ص ١٢٣ : كلّ حقّ ليس لصاحبه قبضه ، ليس له اسقاطه ، كالطفل والمجنون كما لم يكن لهما استيفاؤه لم يكن لهما اسقاطه ، والواحد منّا لما لم يكن له استيفاء ثوابه وعوضه في الآخرة لم يسقطا باسقاطه فعلم بذلك أن الاسقاط تابع للاستيفاء فمن لم يملك أحدهما لم يملك الآخر.
(١٥٥) ذهب أبو هاشم إلى أنّ التوبة عبارة عن الندم على فعل المعصية الماضية والعزم على تركها مستقبلا ، فحقيقتها مركّبة من ندم خاصّ وعزم خاصّ ، وقال قوم : إنّ حقيقتها هو الندم الخاصّ وأمّا العزم فغير داخل في حقيقتها. ثمّ اختلفوا في العزم حيث إنّه غير داخل هل هو شرط أم لا؟ فقال بعضهم : إنّه شرط ، وقال المحمود الخوارزمي [من المعتزلة] : إنّه غير شرط ويمكن أن يكون لازما. إرشاد الطالبين.
(١٥٦) ولعلّ لذلك تمسّك الشيخ الطوسي في الاقتصاد ص ١٢٥ بالاحتياط وقال : فإذا ثبت أنّ بالسمع يعلم زوال العقاب عند التوبة ، فيجب أن نقول : التوبة التي يسقط العقاب بها ما أجمعت الامّة على سقوط العقاب عندها ، دون المختلف فيه ، والذي أجمعت عليه هو أنّه إذا ندم على القبيح لكونه قبيحا ، وعزم على أن لا يعود إلى مثله في القبح ، فإنّه لا خلاف بين الامّة أنّ هذه التوبة يسقط العقاب عندها ، وأمّا غيرها ففيه خلاف.