وأمّا في المعاصي فلقوله تعالى : (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) (٢٢١) و (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) (٢٢٢) و : (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها) (٢٢٣) فلو كان العقاب دائما لاجتمع للمكلّف الواحد استحقاقان دائمان ، وهو باطل ، أمّا أوّلا فبالإجماع ، وأمّا ثانيا فلأنّه كان يلزم استحالة إيصالهما إليه.
الوجه الثاني : قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ* خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) (٢٢٤)
الثالث : قوله ـ عليهالسلام ـ : «يخرجون من النار بعد ما يصيرون حمما وفحما» (٢٢٥)
وعند تعارض هذه الحجج فزع كلّ واحد من الفريقين إلى تأويل حجج الآخر ، ذهولا منهم عن أنّ ما يورده على خصمه وارد عليه بعينه أو مثله ، فإذن الحقّ أنّ الآيات المذكورة في غاية التعارض ، لكن مع تعارضها يكون الترجيح لجانب من يقول بانقطاع عقابه ، لأنّه مصيّر إلى الأصل ،
__________________
(٢٢١) سورة الفرقان ، الآية : ١٩.
(٢٢٢) سورة النساء ، الآية : ١٢٣.
(٢٢٣) سورة الأنعام ، الآية : ١٦٠.
(٢٢٤) سورة هود ، الآية : ١٠٦.
(٢٢٥) في اللوامع للمقداد السيوري ص ٣٩٦ : ورد متواترا عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : يخرج قوم من النار كالحمّ والفحم فيراهم أهل الجنّة فيقولون : هؤلاء جهنّميّون ، فيؤمر بهم فيغمسون في عين الحيوان ، فيخرج أحدهم كالبدر.