في التبليغ لا غير ، ومنهم من عصمه مع ذلك عن الكبائر ، والحقّ أنّه معصوم عن الكلّ في حال النبوّة وقبلها. وهل هو معصوم عن السهو أم لا؟ فيه خلاف بين أصحابنا ، والأصح القول بعصمته عن ذلك كلّه.
لنا : لو جاز شيء من ذلك لجاز تطرقه إلى التبليغ لكن ذلك محال ، ولأنّ (٣) مع تجويز ذلك يرتفع الوثوق بخبره ، فينتقض الغرض المراد بالبعثة. وأما قبل النبوّة فهو معصوم عن تعمّد المعصية صغيرة كانت أو كبيرة ، ويدلّ عليه من القرآن قوله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ). (٤)
__________________
(٣) كذا في الأصل والظاهر زيادة الواو.
(٤) سورة البقرة ، الآية : ١٢٤. في تفسير الميزان : وبهذا البيان [الذي ذكر في تفسير الآية] يظهر أنّ المراد بالظالمين في قوله تعالى : (قالَ : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) مطلق من صدر عنه ظلم ما ، من شرك أو معصية ، وإن كان في برهة من عمره ثمّ تاب وصلح.
وقد سئل بعض أساتيذنا ـ رحمة الله عليه ـ : عن تقريب دلالة الآية على عصمة الإمام [حتّى بالنسبة إلى قبل الإمامة] فأجاب : إنّ الناس بحسب القسمة العقليّة على أربعة أقسام : من كان ظالما في جميع عمره ، ومن لم يكن ظالما في جميع عمره ، ومن هو ظالم في أوّل عمره دون آخره [أي إمامته] ، ومن هو بالعكس [أي من هو ظالم في آخر عمره حين إمامته ، دون أوّله قبل إمامته] وإبراهيم ـ عليهالسلام ـ أجلّ شأنا من أن يسأل الله الإمامة للقسم الأوّل والرابع من ذرّيته ، فيبقى قسمان ، وقد نفى الله أحدهما ، وهو الذي يكون ظالما في أوّل عمره دون آخره ، فبقي الآخر ، وهو الذي يكون غير ظالم في جميع عمره. انتهى كلام الميزان ١ / ٢٧٧.
ويظهر من المؤلّف ـ ره ـ أنّ العهد في الآية الكريمة يشمل عهد النبوّة كما هو شامل لعهد الإمامة ، فالآية بمنزلة القاعدة الكلّية طبّقت في المورد على الإمامة. فتأمّل.