من لم يوجبها أصلا ، وهم الخوارج (١) مطلقا ، والأصمّ (٢) بتقدير أن لا تظهر الفتن. ومنهم من أوجبها عقلا. ومنهم [من] أوجبها سمعا. والموجبون لها عقلا اختلفوا على قولين : فمنهم من أوجبها دفعا للضرر ، فأوجب نصب الإمام بهذا الاعتبار على المكلّفين ، ومنهم من أوجبها لكونها لطفا في أداء الواجبات واجتناب المقبّحات ، فأوجب نصب الإمام بهذا الاعتبار على الله سبحانه وتعالى ، والأوّل هو مذهب النظّام والجاحظ (٣) والخيّاط (٤) وأبي الحسين البصري ، والثاني مذهب الإماميّة ، وهو الحقّ.
لنا أنّ الامّة مع وجود الإمام تكون أقرب إلى فعل الطاعة ، وأبعد من
__________________
(١) في كشف المراد : ذهب الأصمّ من المعتزلة وجماعة من الخوارج إلى نفي وجوب نصب الإمام ص ٢٠٢.
وفي إرشاد الطالبين ٣٢٧ : ذهب الجمهور من الناس إلى وجوبها خلافا للنجدات من الخوارج والأصمّ وهشام الفوطي من المعتزلة ، إلّا أنّ النجدات والأصمّ قالا : يجوز نصب الإمام حال الاضطراب وعدم التناصف ، ليردعهم عن مفاسدهم وهشاما عكس ، وقال : لا يجوز نصبه حال الاضطراب ، لأنّ ذلك قد يؤدّي إلى زيادة الشرّ وقيام الفتنة.
(٢) أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان الأصم المتوفّى نحو ٢٢٥. طبقات المعتزلة ٥٦ والأعلام ٣ / ٣٢٣.
(٣) عمرو بن بحر الشهير بالجاحظ ورئيس الفرقة الجاحظيّة من المعتزلة له تصانيف كثيرة توفّي ٢٥٥.
(٤) عبد الرحيم محمد بن عثمان أبو الحسين الخيّاط شيخ المعتزلة ببغداد ، تنسب إليه فرقة منهم تدعى «الخياطيّة» توفّي نحو سنة ٣٠٠. طبقات المعتزلة ٨٥ والأعلام ٣ / ٣٤٧ وفيه ابن الخيّاط.