فعل المعصية ، وكلّ ما كان كذلك فهو واجب على الله في الحكمة. أمّا الاولى فاستقراء العوائد يحقّقها ، وأمّا الثانية فقد مرّت في أبواب العدل.
فإن قيل : لا نسلّم أنّ الإمامة لطف في امور الدين ، غاية ما يعلم حصول المضارّ الدنيويّة بفواتها ، ودفع المضارّ الدنيويّة غير واجب على الله سبحانه وتعالى مع تمكينه المكلّف من الاحتراز منها وإرشاده إليها. أمّا كونها لطفا في الامور الدينيّة فهو غير معلوم.
سلّمنا أنّها لطف في الامور الدينيّة ، لكن متى يجب على الله فعل اللطف؟ إذا خلا عن وجوه المفاسد أم إذا لم يخل؟ الأوّل مسلّم ، والثاني ممنوع ، ونحن لا نسلّم أنّها خالية من وجوه المفاسد ، فعليكم أن تثبتوا ذلك.
فإن قلتم : لا نعلم هناك مفسدة. قلنا : لا يكفي عدم علمكم في إيجابها على الله ، فإنّ عدم الدليل لا يدلّ على عدم المدلول (٥) ، ومهما جوّزتم أن تكون هناك مفسدة فقد جوزّتم الإخلال بنصب الرئيس عند حصول ذلك الجائز. لا يقال : يلزم من ذلك أن تكون المعرفة بالله غير واجبة على مذهب من يرى وجه وجوب المعرفة كونها لطفا. لأنّا نقول المعرفة واجبة على المكلّف ، وهو يبنى على وجوب التحرّز من الضرر على الظنّ كما نبنيه على العلم ، وليس
__________________
(٥) في كشف المراد ص ٢٠٣ : إنّ المفاسد معلومة الانتفاء عن الإمامة ، لأنّ المفاسد محصورة معلومة ، إذ لا يجب علينا اجتنابها أجمع وإنّما يجب اجتنابها إذا علمناها لأنّ التكليف بغير المعلوم محال وتلك الوجوه منتفية عن الإمامة فيبقى وجه اللطف خاليا عن المفسدة فيجب عليه تعالى.
أقول : هذا الجواب يناسب قول من ذهب إلى أنّ نصب الإمام واجب على الامّة من باب وجوب اللطف. لا قول الشيعة.