لا يقال : فأنتم تصفون عليّا بالشجاعة الخارقة للعوائد (٣٩) فما هذا الضعف. لأنّا نقول : قد يسقط التكليف عند توجّه الضرر ، وإن كان تحمّله ممكنا ، وإذا سقط الوجوب جاز أن يترخّص فيه.
على أنّا نصفه بالشجاعة ، لكن لا إلى حدّ نقول : إنّه يقهر الألف من أقوياء البشر بمفرده ، وإلى أنّه لو قوي عليهم لأمكنه أن يحفظ مع ذلك الدين في صدورهم ويضبط قواعد الإسلام أن ينتقض بينهم. هذا ممّا لا يدّعيه أحد من الشيعة ، فلعلّه ـ عليهالسلام ـ مع قوّته عرف ما يلزم عن قهره (٤٠) من الفساد الذي لا يتدارك ، فاقتصر على التذكير والمخاطبة دون النفور (٤١) والمحاربة.
__________________
ـ فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب ، وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها ، فقيل له: يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة. فقال : وإن. فخرجوا فبايعوا إلّا عليّ ...
وفي تاريخ الطبري عن زياد بن كليب قال : أتى عمر بن الخطّاب منزل عليّ وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين ، فقال : والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة ...
راجع الطبري ٣ / ٢٠٢ والإمامة والسياسة ١ / ١٩ ـ ٢٠ وفاطمة الزهراء للرحماني ٥١٩.
وفي الأصل هكذا : «بعد أن قالوا إن لم تخرج وإلّا حرقنا عليك بيتك» وما أثبتناه هو الصحيح ظاهرا.
(٣٩) العوائد جمع العادة.
(٤٠) عن قهرهم. ن خ.
(٤١) هنا كلمة ، نحتمل كونها : النفور كما أثبتناها.