وغير هؤلاء ممّن لو استقصينا عددهم لأطلنا. (٢٦)
وأمّا الوجه الذي لأجله وقعت الغيبة ، فقد ذكر جماعة من فضلاء الأصحاب أنّ ذلك هو الخوف على نفسه. قالوا : الحال في ذلك كحال النبيّ ـ عليهالسلام ـ حين استتر تارة في الشعب (٢٧) واخرى في الغار (٢٨).
لا يقال : النبيّ ـ عليهالسلام ـ استتر يسيرا ، وليس كذلك حال غيبة إمامكم.
لأنّا نقول : التفاوت غير مؤثّر في واحد من الحالين ، إذ تفوت مصالح دينيّة فإذا جاز تفويت تلك المصالح مع الخوف وقصر المدّة جاز مع تطاولها.
وحاله ـ عليهالسلام ـ في ذلك يخالف حال آبائه إمّا لأنّهم آمنوا على أنفسهم وخاف هو ، أو لأنّه ـ عليهالسلام ـ يلزمه من العروض (٢٩) مع ظهوره ما لا يلزمهم ، فيكون الحذر في جانبه أتمّ من غيره ، وهذا من الممكن.
وقد قيل : إنّما لم يظهر إلى أوليائه خوفا من إشاعة خبره.
وقيل : بل خوفا من أعدائه لا غير.
وقيل : خوفا على الوليّ من الشكّ في المعجز الدالّ على صدقه.
__________________
(٢٦) راجع كمال الدين ٢ / ٤٤٢ فانّ الصدوق ـ عليه الرحمة ـ ذكر عددا كثيرا ممن رآه ـ عليهالسلام ـ من غير الوكلاء.
(٢٧) يعني شعب أبي طالب.
(٢٨) يعني غار ثور.
(٢٩) هنا كلمة تقرأ : الفروض ، والظاهر أنّ ما أثبتناه هو الصحيح.