وكلّ ذلك لا يخلو من قدح بل الأولى اعتقاد أنّه لا بدّ في ذلك من وجه مقتض لحسنه ، وإن كنّا لا نستفصله. (٣٠)
على أنّا نقول : [لا نسلّم] أنّه لم يظهر إلى أوليائه ، بل من الجائز أن يظهر إلى من يرتفع مع ظهوره إليه وجه المفسدة ، فإنّا لا نعلم أحوال [كلّ انسان] بل كلّ إنسان يعلم حال نفسه حسب.
فأمّا ما شرط القيام (٣١) من الشرعيات وجوده كالحدود وغيرها من الأحكام ، فإنّها لا تسقط لغيبته بل تكون باقية في جنب من استحقّت عليه ، فإن ظهر والحق عليه باق ، استوفاه ، وإلّا كان اللوم على من كان سبب خوفه.
وأمّا استبعاد الخصم بقاءه عليه هذه المدّة ، فإنّما نشأ من ضعف البصيرة ، وإلّا فكيف يقال ذلك مع العلم بقدرة الله وقيام الدلالة على إمكان فعل الكرامات للأولياء ، غاية ما في الباب أن يقال : هو خرق العادة ، ونحن نمنع ذلك أوّلا ثمّ نسلّم ونجعل ذلك معجزا له ـ عليهالسلام ـ.
واعلم أنّ تطاول الأعمار أضعاف عمر القائم ـ عليهالسلام ـ وقع وقوعا مستمرّا حتّى حصل ذلك لجماعة من الملوك والجبابرة ، فلا يكون ذلك خرقا للعادة ، بل ممّا جرت به العوائد (٣٢) فإنّ القرآن المجيد أخبر في طرف الصلحاء
__________________
(٣٠) جاء في رواية عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الصادق ـ عليهالسلام ـ : وجه الحكمة في غيبته لا ينكشف إلّا بعد ظهوره وأنّ هذا الأمر أمر من أمر الله تعالى وسرّ من سرّ الله ... كمال الدين ٢ / ٤٨٢.
(٣١) هنا جملة لا تقرأ.
(٣٢) جمع العادة.