توهّم (٢٣) أنّ له بذلك حال زائدة على كونه حيّا وعالما. وقال الأكثرون : إنّ المرجع بذلك إلى كونه حيّا لا آفة به. وقال البغداديّون (٢٤) [من المعتزلة] : المرجع بذلك إلى كونه عالما بالمسموعات والمبصرات.
واحتجّ النافون لهذه الحال بأنّه لو كان له بكونه سميعا حال زائدة على كونه حيّا لا آفة به ، جاز أن يعلم إحدى الحالتين منفكّة عن الاخرى ، لكن ذلك محال ، إذ كلّ من عرف حيّا لا آفة به ، عرف أنّه سميع بصير. (٢٥)
ولأنّه لو كان له بذلك حال ، لكان لتلك الحال حكم مغاير لحكم كونه حيّا ، وقد عرفت أنّ الحيّ هو الذي يصحّ أن يسمع ويبصر كما يصحّ أن يعلم ويقدر.
__________________
ـ مصنّفات في الفقه واصول الفقه والكلام ، توفّي سنة ٣٢١. راجع ريحانة الأدب للخياباني ١ / ٣٩١.
(٢٣) كذا في الأصل ، ولعلّ الصحيح : ما يوهم.
(٢٤) هم أتباع بشر بن المعتمر الهلالي البغدادي أبو سهل وهو فقيه معتزلي مناظر ، من أهل الكوفة. قال الشريف المرتضى ـ ره ـ : يقال : «إنّ جميع معتزلة بغداد كانوا من مستجيبيه» وتنسب إليه الطائفة البشرية. مات ببغداد سنة ٢١٠. كذا في الاعلام لخير الدين الزركلي ٢ / ٥٥.
(٢٥) قال الشيخ الطوسي ـ ره ـ في التمهيد ص ٤٨ : فأمّا قولنا : سميع بصير ، فإنّه يفيد أنّه تعالى على صفة يجب أن يسمع المسموعات ويبصر المبصرات إذا وجدت ، وهذا يرجع إلى كونه حيّا لا آفة به ، وليس بصفة زائدة على ذلك بدلالة أنّها لو أفادت صفة زائدة على ذلك ، لجاز أن يحصل حيّا لا آفة به ولا تحصل تلك الصفة ، فلا يكون سميعا بصيرا ، وقد علمنا خلافه.