تغير تغيرا قبيحا لاستحق بذلك قسطين من العذاب : احدهما للقبيح الذي فعله ، والثاني للحسن الذي لم يفعله ، وانه لو تغير تغيرا حسنا ، وفعل من مثل افعال الأنبياء عليهمالسلام ، وكان الله قد امره بشيء فلم يفعله ، ولا فعل ضده ، كان مخلدا في النار.
والزمه اصحابنا في الحدود مثل قوله في القسطين ، حتى يكون عليه حدان : احدهما للزنا ، والثاني لما يفعله من ترك الزنا. وكذلك القول في حد القذف وشرب الخمر والقصاص. والزموه كفارتين عن الفطر في شهر رمضان / بالجماع : احدهما بفطره والثانية بان ما وجب عليه من الصوم. فلما توجه عليه هذا الالزام ارتكب ما هو اشنع منه ، فقال : انما نهي عن الزنا والشرب والقذف ، فاما ترك هذه الافعال فغير واجب عليه. والزموه القول بثلاثة اقساط واكثر الى ما لا نهاية له ، اثبت قسطين فيما هو متولد عنه ، قسطا لانه لم يفعل السبب. وقد وجدنا من المتولدات ما يتولد عن اسباب كثيرة يتقدمه ، كالاصابة المتولدة عن حركات كثيرة يفعلها في السهم عنده ، فكل حركة سبب لما يليها ، الى العاشر ثم العاشر سبب للاصابة. فيجب على اصله اذا امره الله تعالى بالاصابة فلم يفعل ، احد عشر قسطا : عشرة لانه لم يفعل تلك الحركات ، وواحد لانه لم يفعل الاصابة. ـ ومن اصله انه اذا كان / مأمورا بالكلام فلم يفعل ، استحق قسطين ، (قسطا) (١) لانه لم يفعل الكلام ، وقسطا لانه لم يفعل سبب الكلام ، ولو انه فعل ضد سبب الكلام لا يستحق قسطين ، وقام هذا عنده مقام السبب الذي لم يفعله. ـ فيقال له : هلا استحق ثلاثة اقساط : قسطا لانه لم يفعل الكلام؟ وذكر بعض اصحابنا انه كان لا يثبت القسطين الا في ترك سبب الكلام وحده. وقد نص في كتاب : «استحقاق الذم» على خلافه ، فقال كلاما نزل مخصوص محكمه حكم سبب العطية الواجبة كالزكاة والكفارة ، وقضاء الدين ، ورد المظالم. واراد بهذا ان الزكاة والكفارة وامثالهما لا يقع بجارحة مخصوصة ، ولا له ترك واحد مخصوص ، بل لو صلى او حج ، كان ذلك تركا للزكاة ، وللكلام سبب ، وتركه مخصوص ، فكان / تركه قبيحا. فاذا فعل ترك سبب الكلام
__________________
(١) لا بد من اضافة لفظ : «قسطا».