استحق به قسطا ، وليس للعطية ترك قبيح. ـ فيقال له ان كان ترك الصلاة والزكاة ليس بقبيح ، وجب ان يكون حسنا ، وهذا خروج عن الدين. ثم انه لاجل هذه البدعة خالف الاجماع بفرقه بين الجزاء وبين الثواب والعقاب ، فاجاز ان يكون في الجنة ثواب كثير ، لا يكون جزاء ، وان يكون في النار عقاب كثير ، لا يكون جزاء ، لان القرآن ناطق بان الجزاء لا يكون الا على عمل وقد يكون عنده لا عقاب على ما لم يفعل (١).
ومن فضائحه قوله بالاحوال (٢). والجاءه إليها قول اصحابنا المعتزلة : هل فارق العالم منا من ليس بعالم لنفسه او لمعنى؟ ويطلب مفارقته اياه لنفسه للتجانس الواقع بين العالم والجاهل منا. وصح انه انما فارقه لمعنى وجب بذلك اثبات / ذلك المعنى لكل عالم. فزعم انه انما فارقه بحال لا موجودة ولا معدومة.
وقال بالاحوال في ثلاثة مواضع : احدها الموصوف الذي يكون موصوفا لنفسه بما يستحقه بحال يفارق بها غيره ، والثاني الموصوف بالشيء لمعنى يصير مختصا بذلك المعنى دون غيره بحال ، والثالث ما يستحقه لا لنفسه ولا لمعنى فيختص بهذا الوصف دون غيره عنده بحال. وزعم ان الاحوال لا معلومة ولا مجهولة ، ولا موجودة ولا معدومة ، ولا مذكورة. وقد ذكرها بلفظه ، فصار بذكره لها مناقضا قوله بها غير مذكورة. ـ وزعم ان احوال الباري عزوجل لا نهاية لها ، كما ان معلوماته ومقدوراته لا نهاية لها. وزعم انها ليست هي الباري ولا غيره.
ومن فضائحه قوله في التوبة (٣) ، انها لا تصح من قبيح (مع) / الاصرار على قبيح آخر يعلمه او يعتقده قبيحا ، وان كان حسنا. وان التوبة من العظائم
__________________
(١) كل ما ذكر الى هنا وارد في كتاب «الفرق» بذات المعنى ولكن باسلوب مختلف (انظر ط. بدر ص ١٦٩ ـ ١٧٣ ، ط. الكوثري ص ١١١ ـ ١١٣ ، ط. عبد الحميد ص ١٨٦ ـ ١٨٩).
(٢) القول بالاحوال هنا يقابل ما جاء في الفضيحة السادسة في كتاب «الفرق» (ط. الكوثري ص ١٧٧ ، ط. عبد الحميد ص ١٩٥ ، ط. بدر ص ١٨٠). والفضائح هنا غير مرقمة كما هو الحال في كتاب «الفرق».
(٣) القول الخاص بالتوبة هنا يقابل الفضيحة الثالثة في كتاب الفرق (ط. بدر ص ١٧٥ ، ط. الكوثري ص ١١٤ ، ط. عبد الحميد ص ١٩٠).