انهم لا يؤمنون؟ هل كانوا قادرين على الايمان أم لا؟ فان قلت : انهم لم / يقدروا عليه. قلت بان الله بكلفهم ما لا يطيقون به ، وهذا عندكم كفر. وان قلت : انهم قادرون عليه ، فما يؤمنك ان يكون قد وقع من بعضهم ما علم الله منه انه لا يقع ، او اخبر بانه لا يقع على قوة اعتلالكم ، واعتلال النظام؟ وقالا لابي الهذيل : هذا لازم لنا. فما تقول انت؟ ـ فقال : اقول ان الله قادر على ان يجور ويكذب ، وعلى ما علم انه لا يفعله. فقالا له : أرأيت لو فعل الجور والكذب وما علم انه لا يفعله كيف كان يكون حال الدلائل التي دلت على ان الله عزوجل لا يجور ولا يكذب ولا يفعل ما علم انه لا يفعله؟ ـ فقال : هذا محال. ـ فقالا له : فكيف يكون المحال فعله مقدورا عليه؟ ولم أحلت هذا مع كونه مقدورا لله عزوجل عندك؟ ـ فقال : لانه لا يقع الا عن آفة ، ومحال دخول / الآفات على الله عزوجل. ـ فقالا له : ومحال أيضا ان يكون الله قادرا على ما لا يقع منه الا عن آفة تدخل عليه. فبهت الثلاثة. ـ فقال لهم بشر بن المعتمر : انا اقول ان الله تعالى قادر على ذلك كله. ـ فقالوا : أرأيت لو فعل ما قدر عليه من تعذيب الطفل ما كانت حال الدلائل التي دلت على ان الله لا يجور؟ ـ فقال : لو عذب الله الطفل جائرا عليه في تعذيبه ، لكان الطفل بالغا عاقلا ، عاصيا ، مستحقا للعذاب ، وكانت الدلائل بحالها في دلالتها على عدله. ـ فقالوا له : سخنت عينيك ، كيف يكون عادلا بفعل الجور؟ ـ فقال لهم المردار : انا اقول انه لو فعل الجور والكذب المقدورين له ، كان إلها ظالما ، كاذبا. ـ فقالوا له : كيف كان مستحقا للعبادة والمدح ، وهو بالظلم / والكذب يستحق الذم؟ ـ فقال لهم الأشبح (١) : انا اقول انه قادر على الجور والكذب ، ولو وقعا منه كانت الدلائل بحالها. ـ فقال له الاسكافي : أخطأت ، لان العدل لا ينقلب جورا والجور لا ينقلب عدلا ، ولكني اقول :
__________________
(١) جاء في ط. بدر ص ١٨٨ وفي ط. الكوثري ص ١٢١ وط عبد الحميد ص ٢٠٠ «الأشجّ» ويقول الكوثري في هامش ص ١٢١ : رقم ١ : هو من زعماء المعتزلة معاصر لبشر بن المعتمر.