٢. انّ حصر التأثير الأعم من الأصلي والتبعيّ في الله سبحانه ، مخالف للبرهان الفلسفي ، لأنّ حقيقة الوجود في عامة المراتب ، حقيقة واحدة ، والشدّة في الواجب ليست أمرا وراء الوجود ، كما أنّ الضعف في الممكن ، ليس إلّا حدا له ، وليسا أمرين منضمّين إليه ، فالمراتب كلّها وجودات بين شديد ، وغير شديد ، وليس في الدار سوى الوجود ديّار ، فإذا ثبت التأثير لمرتبة عليا منه ، لكونها وجودا ، ثبت للمراتب الدنيا ، لكن حسب ما يناسب شأنها ، فإنّ حقيقة الوجود في جميع المراتب واحدة ، والخصوصيات فيها راجعة إلى الوجود أيضا ، لا لشيء آخر ، كالماهية والعدم ، والمفروض اتحاد حقيقة الوجود في جميع المراتب ، فيلزم أن يكون أثره محفوظا في جميعها.
وليس لك أن تقول إنّ الأثر راجع إلى الشدّة ، وهي منتفية في الوجودات الإمكانية ، وذلك لما عرفت من أنّ الشدّة ليست أمرا وراء الوجود ، غاية الأمر تختلف آثار المراتب شدة وضعفا حسب اختلاف مراتب متبوعها ومؤثراتها ، ولذلك نرى أنّه سبحانه يثبت التسبيح العلمي لا التكويني لجميع المراتب ويقول : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ