من المراتب واقع وجودها فلا يمكن إسناد جميع المراتب إلى الله سبحانه والقول بأنّه قام بإيجادها مباشرة بلا توسّط الأسباب ، لأنّ معنى ذلك عدم كون المرتبة مقومة لحقيقة الوجود فيها وقد عرفت خلافه ، فهذا البرهان يجرّنا إلى القول بأنّ الوجود في كل درجة ومرتبة مؤثر في المرتبة اللّاحقة وإن كان تأثير كلّ بإذنه سبحانه ، والجميع يستمدّ منه سبحانه إمّا بلا واسطة كالصادر الأوّل أو مع الوسائط كسائر الصوادر.
البرهان الثاني لإبطال الجبر
قد أثبت المحقّقون من العلماء في مسألة «ربط الحادث بالقديم» أنّ سبب الحادث حادث وأنّ المتغيّرات والمتجدّدات جواهر كانت أم أعراضا ، لا يمكن أن يستند إلى الواجب القديم الثابت غير المتغيّر ، بل لا بدّ من توسّط أمر مجرّد بينهما يكون له وجهان : وجه يلي الربّ الثابت ، ووجه يلي الخلق المتجدّد والمتصرّم.
ومبدؤه بساطة ذاته ويترتب عليها أمران :
الأوّل : رجوع جميع صفاته وشئونه إلى الوجود التام ، البحت الخالي عن شوب التركيب فلا يعقل في ذاته وصفاته أيّ