يقول سبحانه : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ* وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ* وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١) يقول سبحانه : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ) ليبصر بهما آثار حكمته (وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ) لينطق بهما فيبين باللسان ، ويستعين بالشفتين على البيان (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) أيّ سبيل الخير والشر ، فالإنسان بفطرته الطاهرة يعرف الحسن والقبيح ويميز الخير عن الشر قبل أن يدخل في مدرسة أو يتلمذ على يد إنسان.
ويقول سبحانه : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها* فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) (٢).
يريد بالنفس نفس الإنسان ، فالله سبحانه يخبر عن أنّه عدّل خلقها ، وسوّى أعضاءها ، بل سوّى عقلها الذي به فضّل على سائر الموجودات ، فعرّفها طريق الفجور والتقى ، وفي الوقت نفسه زهّدها في الفجور ورغّبها في التقوى كل ذلك يحسّه الإنسان في صميم ذاته ، حيث إنّه إذا ترك الفجور ولو لسبب خارج عن الاختيار يفرح به ، وما هذا إلّا انسياق ذاته إلى الخير والتقوى.
وهذا القسم من الآيات يصرّح بعمومية الهداية التكوينية
__________________
(١). البلد : ٨ ـ ١٠.
(٢). الشمس : ٧ ـ ٨.