فحرّك الساكن الثانى وانقلب همزة لانه كان ألفا والألفُ اذا حُرِّكَتْ انقلبتْ همزةً وأما واو عجوز وياءُ صحيفة فمشبهان بهذه الألف لانهما يُقْلبانِ فى الجمع همزة فالألف فى سماء يجب أن تُقْلب همزةً فى الجمع كما قلبت التى فى سَحاب فى الجمع فاذا قلبت همزة صارت سَمَائِىَ على وزن سحائبَ فوقعت فى الطَّرَف ياءٌ مكسورٌ ما قبلها فيلزم أن تقلب ألفا اذ قلبت فيما ليس قبله حرفُ اعتلالٍ فى هذا الجمع وذلك قولُهم مَدارَى وحروف الاعتلال فى مَطَائِىَ وسَمَائِىَ أَكثر منها فى مَدَارى فلما قلبت فى مَدَارى وجب أن يَلْزَم هذا الضربَ القلبُ فيقال مَطَاءا وسَمَاءا فتقع الهمزة بين ألفين وهى قريبة من الألف فتجتمع حروفٌ متشابهةٌ يُسْتَثْقَلُ اجتماعُهنَّ كما اسْتُثقل اجتماعُ المثلين والمُتَقَارِبَىِ المَخارج فأدغما وأبدلت من الهمزة ياءٌ فصارا سَمايا ومَطَايا وهذه الأبْدالُ انما تكون فى الهمزة اذا كانت مُعْتَرِضةً فى الجمعِ مِثْلِ جمع سَماءٍ ومَطِيَّةٍ ورَكِيَّةٍ ألا ترى أنه لا همز فى واحدٍ من هذه الاسماء ولو كانت الهمزة فى الواحد ثابتة لم تبدل ألا ترى أنك اذا جمعتَ جائيةً لم تَقُلْ الّا جَواءا ولا تقُلْ جَوايا لأن الهمزة ثابتة فى الواحد وهذا البيت يدل على صحة قول النحويين ان الأصل فى مَطايا وبابه أن يكون مطاءا بالهمز وأن الابدال فى التقدير يكون من الهمزة ألا ترى أن الشاعر أخرج ذلك فى الضرورة ورَدّ الكلامَ اليه حيث اضْطُرَّ لِمَا كان الأصلَ كما تُرَدُّ الاشياءُ الى أصولها نحو اظهار التضعيف وصرف ما لا ينصرف وتحريك حرف العلة الذى لزمه السكونُ فلو لا أن الأصلَ فى هذا الباب أيضا الهمزةُ ثم يَقَعُ الابدالُ عنها لَم يَرُدَّه اليه فى الضرورة ولم تُبْدل من هذه الهمزة الواو لانها اختصت بالبدل مما ظهرت فيه الواو التى هى لامٌ مما جاء مبنيا على التأنيث نحو إداوةٍ وأَداوَى فهذه الواوُ فى أَداوى وما أشبهه عِوَضٌ من الهمزة الواقعة بعد ألف الجمع كما أن الياءَ بدلٌ من الهمزة الواقعة بعدها فى نحو مَطايا فكان حُكْمُ سماءٍ اذا جُمِعَ مُكَسَّرا على فَعائل أن يكون كما ذكرنا من نحو مَطَايا وَرَكَايا لكنَّ هذا القائلَ جَعَله بمنزلة ما لامُه صحيحةٌ وثَبَتَتْ قبله فى الجمع الهمزةُ فقال سَمَاءٍ كما يقال جَوَارٍ فهذا وجهٌ آخرُ من الاخراج عن الاصلِ المستعمل والرَّدِّ الى القياس المتروكِ الاستعمالِ ثم حَرَّكَ الياءَ بالفتح فى موضع الجر كما يحرك من جَوارٍ وموالٍ فصار سَمَائِىَ مثل مَوْلَى مَوَالِيا فهذا وجه ثالث من الاخراج عن الأصل