يكونَ النَّشُورُ بمعنى المُنْشَر كما أن الرَّكُوب بمنزلة المَرْكُوب قال
فما زِلْتُ خَيْرًا منك مُذْعَضَّ كارِهًا |
|
بلَحْيَيْكَ عادِىُّ الطريقِ رَكُوب |
وقال أوس بن حَجَر
تَضَمَّنها وَهْمٌ رَكُوبٌ كأنه |
|
اذا ضَمَّ جَنْبَيْهِ المَخارِمُ زَوْرَق |
كانَّ المعنى ريحٌ أو رياحٌ مُنْشَرةٌ ويجوز أن يكون نُشُرًا جمعَ نَشُورٍ يُراد به الفاعلُ كماءٍ طَهُور ونحوِه من الصفاتِ ويجوز أن يكونَ نُشُرًا جمعَ ناشِرٍ كشَاهِدٍ وشُهُدٍ وبازِلٍ وبُزُلٍ وقاتِلٍ وقُتُلٍ قال الاعشى
* إِنَّا لَامْثالِكُم يا قومَنا قُتُلُ*
وقراءةُ من قرأ نُشْرًا يحتمل الوجهين أن يكون جمعَ فَعُول فخفف العين كما يقال كُتْبٌ ورُسْلٌ وأن يكون جمع فاعلٍ كبازِل وبُزْلٍ وعائطٍ وعِيطٍ وأما من قرأ نَشْرًا فانه يحتمل ضربين يجوز أن يكون المصدر حالا من الريح فاذا جعلته حالا منها احتمل أمرين أحدهما أن يكون النَّشْرَ الذى هو خلافُ الطَّىِّ كانها كانت بانقطاعه كالمَطْويَّةِ ويجوز على تأويل أبى عبيدة أن تكونَ مُتَفَرِّقةً فى وُجوهها والآخر أن يكون النَّشْرَ الذى هو الحياةُ فى قوله
* يا عَجَبًا للميِّتِ النَّاشِر*
فاذا حَمَلْتَه على ذلك وهو الوجهُ كان المصدرُ يراد به الفاعل كما تقول أتانا رَكْضًا أى راكِضًا ويجوز أن يكون المصدرُ يُرادُ به المفعول كانه يُرْسِل الرياحَ انْشارًا أى مُحْياةً فحذَف الزوائدَ من المصدر كما قالوا عَمْرَكَ اللهَ وكما قال
* فانْ يَهْلِكْ فذلك كانَ قَدْرِى*
أى تَقْدِيرى والضربُ الآخَر أن يكون نَشْرًا على قراءتها ينتصب انتصابَ المصادر من باب صُنْعَ اللهِ لانه اذا قال (يُرْسِلُ الرِّياحَ) دَلَّ هذا الكلام على يَنْشُرُ الريحَ نَشْرًا وتَنْشُرُ نَشْرًا من نَشَرَتِ الريحُ ومن قرأ (بُشْراً) فهو جمع بَشِيرٍ وبَشُورٍ من قوله عزوجل (يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ) أى تُبَشِّرُ بالمطر والرحمةِ وجَمَعَ بَشِيرا على بُشْرٍ مِثْلَ كتابٍ وكُتْبٍ* صاحب العين* المُرْسَلاتُ فى التنزيل ـ الرياحُ وقيل الخَيْلُ والمُبَشِّراتُ ـ رياحٌ يُسْتَدَلُّ بهُبُوبِها على المَطر* ابن دريد* مكانٌ عَذِىُّ ـ رَيِّحٌ