أبآر وأرءام. إن هذه الخفة لا تتحقق في اجتماع الهمزة مع المدّ (آ).
وبسبب من القلب ، حدث تطور في الدلالة ، ألا ترى أن استعمال «رئاء» يختلف قليلا في الدلالة عن استعمال «رياء»؟
٦ ـ وقال تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) [الآية ٤٣].
أقول : الأصل في «التيمّم» القصد.
ومنه قوله تعالى :
(وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) [البقرة / ٢٦٧].
أي : ولا تقصدوا المال الرديء تخصّونه بالإنفاق.
أما «التيمّم» في سورة النساء ، وفي الآية ٤٣ ، فهو شيء آخر ، وهو أمر من الله ، جل وعلا ، خصّ به المرضى ، والذين كانوا عابري سبيل ، أو من جاء من الغائط ، أو لامس النساء ، وطلب إليهم أن يتيمّموا بالتراب إن لم يجدوا ماء يتطهّرون به.
ولا بد أن نرجع إلى تاريخ الكلمة في مسيرتها وتطورها.
عرفنا أن التّيمّم هو القصد ، وهذا يعني أنه صيغة أخرى لكلمة «الأمّ» ، (بفتح الهمزة) ، ومن هنا كان أصحاب المعجمات القديمة على حق في إدراج كلمة «التيمّم» في مادة «أمم» لأن المعنى واحد وهو القصد.
وجاء في كتب اللغة (١) :
وتيمّمته : قصدته. وفي حديث ابن عمر : من كانت فترته إلى سنّة فلأمّ ما هو ، أي : قصد الطريق المستقيم ، يقال : أمّه يؤمّه أمّا وتأمّمه وتيمّمه.
قال : ويحتمل أن يكون الأمّ (بفتح الهمزة) ، بمعنى المأموم ، أي : هو على طريق ينبغي أن يقصد.
ومنه الحديث : كانوا يتأمّمون شرار ثمارهم في الصدقة ، أي : يتعمّدون ويقصدون ، ويروى : يتيمّمون ، وهو بمعناه.
ومنه حديث كعب بن مالك : وانطلقت أتأمّم رسول الله (ص).
وقال ابن السكيت في قوله تعالى :
__________________
(١). انظر «اللسان» (مادة أمم).