شئت أوصلت الفعل باللام الى «أن» المضمرة بعد اللام نحو : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) (٤٣) [يوسف] وكما قال (وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ) [الشورى / ١٥] ، فكسر اللام أي : أمرت من أجل ذلك.
وقال تعالى : (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٣١) لأنها من «أدخل» «يدخل» : والموضع من هذا مضموم الميم لأنه مشبه ببنات الأربعة «دحرج» ونحوها. ألا ترى أنّك تقول : «هذا مدحرجنا» ، فالميم ، إذا جاوز الفعل الثلاثة ، مضمومة. قال أميّة بن أبي الصلت (١) [من البسيط وهو الشاهد الحادي والسبعون بعد المائة] :
الحمد لله ممسانا ومصبحنا |
|
بالخير صبّحنا ربّي ومسّانا (٢) |
لأنه من «أمسى» و «أصبح». قال تعالى (رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) [الإسراء / ٨٠]. وتكون الميم مفتوحة إن شئت إذا جعلته من «دخل» و «خرج». وقال سبحانه (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقامٍ أَمِينٍ) (٥١) [الدخان] ، إذا جعلته من «قام» «يقوم» ، فإن جعلته من «أقام» «يقيم» قلت : «مقام أمين».
وحذفت الياء كما تحذف من رؤوس الآي نحو : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) (٨) [ص] يريد «عذابي». وأما قوله تعالى (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) (٦٥) [الواقعة] ، فإنما قرئ بكسر الظاء في (فظلتم) ، على اعتبار أن أصله «ظللتم». فلما ذهب أحد الحرفين استثقالا حولت حركته إلى الظاء. قال أوس بن مغراء (٣) [من البسيط وهو الشاهد الرابع والسبعون بعد المائة] :
مسنا السّماء فنلناها وطالهم |
|
حتّى رأوا أحدا يهوي وثهلانا (٤) |
لأنها من «مسست» والقراءة المثبتة في المصحف الشريف هي : (فَظَلْتُمْ) بترك الظاء على فتحتها وحذف إحدى اللامين. وهذا الحذف ليس بمطّرد ،
__________________
(١). الشاعر الجاهلي المعروف. انظر ترجمته وأخباره في الأغاني ٣ / ١٨٦ و ١٦ / ٧١. وطبقات الشعراء ١ / ٢٦٢ والشعر والشعراء ١ / ٤٥٩.
(٢). الشاهد في الديوان ٥١٦ والكتاب وتحصيل عين الذهب ٢ / ٢٥٠ ومعاني القرآن ١ / ٢٦٤ والخزانة ١ / ١٢٠ وشرح المفصل لابن يعيش ٦ / ٥٠ و ٥٣ «صدره».
(٣). هو أوس بن مغراء. طبقات الشعراء ٢ / ٥٧٢ والشعر والشعراء ٢ / ٦٨٧.
(٤). البيت في الصحاح «مس» والتهذيب «مس» ٢ / ٣٢٥ واللسان «مسس» وفيه «وطاء لهم».