وإنما حذف من هذه الحروف التي ذكرت لك خاصة ولا يحذف إلّا في موضع ، لا تحرك فيه لام الفعل ، فأمّا الموضع الذي تحرك فيه لام الفعل فلا حذف فيه.
وقال تعالى : (شِقاقَ بَيْنِهِما) [الآية ٣٥] فأضاف إلى البين لأنه قد يكون اسما كما في قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام / ٩٤] (١) بالضم. ولو قرئ (شقاقا بينهما) في الكلام فجعل البين ظرفا كان جائزا حسنا. ولو قرأت (شقاق بينهما) تريد «ما» وتحذفها جاز ، كما تقرأ ، في النسخة الموحّدة : (تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) تريد «ما» التي تكون في معنى شيء. وقال تعالى (تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ) [آل عمران / ٦٤]. وتقول «بينهما بون بعيد» تجعلها بالواو وذلك بالياء. ويقال : «بينهما بين بعيد» بالياء.
وقال تعالى : (وَالْجارِ الْجُنُبِ) [الآية ٣٦] (٢) وقرأ بعضهم (الجنب) (٣) وقال الراجز [وهو الشاهد الخامس والسبعون بعد المائة] :
الناس جنب والأمير جنب (٤) يريد ب «جنب» : الناحية (٥). وهذا هو المتنحي عن القرابة فلذلك قال «جنب» و «الجنب» أيضا : المجانب للقرابة ويقال : «الجانب» أيضا (٦).
وأما (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) [الآية ٣٦] فمعناه : «هو الذي بجنبك» ، كما تقول «فلان بجنبي» و «إلى جنبي».
قال تعالى : (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) (٤٢) أي : لا تكتمه الجوارح أو
__________________
(١). وهي في معاني القرآن ١ / ٣٤٥ قراءة حمزة ومجاهد وفي السبعة ٢٦٣ أهمل مجاهدا وزاد أبا عمرو وابن عامر وابن كثير وعاصما في رواية وفي الكشف ١ / ٤٤٠ الى غير نافع والكسائي وزاد في التيسير ١٠٥ استثناء حفص وزاد في الجامع ٧ / ٤٣ استثناء ابن مسعود وفي البحر ٤ / ١٨٢ إلى الجمهور وفي الطبري ١ / ٥٤٩ الى قراء مكة والعراقيين وفي حجة ابن خالويه ١٢٠ بلا نسبة.
(٢). وهي في السبعة ٢٣٣ الى القراء كلهم إلا عاصما وفي الجامع ٥ / ١٨٣ ان ابن عباس تأول بها.
(٣). في السبعة ٢٣٣ والشواذ ٢٦ الى عاصم وفي البحر ٣ / ٢٤٥ اليه في رواية المفضل عنه وفي الجامع ٥ / ١٨٣ الى المفضل والأعمش.
(٤). المصراع في الصحاح واللسان «جنب» مرويا عن الأخفش وفي التهذيب «جنب» ١١ / ١٢٢ مرويا عن الليث.
(٥). نقله في الصحاح واللسان «كما سبق». والجامع ٥ / ١٩٢.
(٦). نقله في اعراب القرآن ١ / ٢٢٠ و ٢٢١.