يقول : «لا يخفى عليه وإن كتموه».
وقال تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) [الآية ٤٧] إلى قوله من الآية نفسها : (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً) أي : من قبل يوم القيامة.
قال تعالى : (وَما ذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) [الآية ٣٩] فان شئت جعلت (ما ذا) بمنزلتها وحدها وان شئت جعلت (ذا) بمنزلة «الذي».
وقوله تعالى : (وَلا جُنُباً) [الآية ٤٣] في اللفظ واحد وهو للجمع كذلك ، وكذلك هو للرجال والنساء ، كما قال جل شأنه : (وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) (٤) [التحريم] فجعل «الظهير» واحدا. والعرب تقول : «هم لي صديق». وقال تعالى : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (١٧) [ق] وهما قعيدان. وقال (إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١٦) [الشعراء] وقال : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) [الشعراء / ٧٧] لأن «فعول» و «فعيل» مما يجعل واحدا للاثنين والجمع.
وقال تعالى : (لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ) [الآية ٤٢] قرأ بعضهم (تسوّى) (١) وكل حسن. وقال تعالى : (وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) [الآية ٤٣] على قوله : (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [الآية ٤٣] فقوله تعالى : (وَأَنْتُمْ سُكارى) في موضع نصب على الحال ، و (وَلا جُنُباً) على العطف كأنه قال : «ولا تقربوها جنبا إلّا عابري سبيل» كما تقول : «لا تأتي إلّا راكبا».
وقال تعالى : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) [الآية ٤٦] كأنّه يقول «منهم قوم» فأضمر «القوم». قال النابغة الذبياني (٢) [من الوافر وهو الشاهد السادس والسبعون بعد المائة] :
كأنّك من جمال بني أقيش |
|
يقعقع بين رجليه بشنّ (٣) |
__________________
(١). في الطبري ٨ / ٣٧٢ هي قراءة عامة قراء أهل الكوفة وفي السبعة ٢٣٤ الى حمزة والكسائي وكذلك في الكشف ١ / ٣٩٠ والتيسير ٩٦ والجامع ٥ / ١٩٨ والبحر ٣ / ٢٥٣. اما قراءة ضم التاء فهي في السبعة ٢٣٤ والبحر ٣ / ٢٥٣ الى ابن كثير وابي عمرو وعاصم وفي الكشف ١ / ٣٩٠ والتيسير ٩٦ الى غير نافع وابن عامر وحمزة والكسائي وفي الجامع ٥ / ١٩٨ الى غير من قرأ بغيرها وفي الطبري ٨ / ٣٧٢ الى «آخرون» يقصد غير من أخذ بالسابقة وفي معاني القرآن ١ / ٣٦٩ وحجة ابن خالويه ٩٩ بلا نسبة.
(٢). هو الشاعر الجاهلي زياد بن معاوية وقد مرت ترجمته قبل.
(٣). ديوان النابغة ١٩٨ والكتاب وتحصيل عين الذهب ١ / ٣٧٥.