دلالاتها في اللغات الغربية ، وقد أفضى إلى هذه الدلالات ، من غير شك ، علاقات عدة هي المشابهة والقرينة ، كما أفضى إليها التطور اللغوي التاريخي ، الذي يندرج في حقول مختلفة.
إذا كانت هذه الكلمة تعني «الفلاحة» ، أو «الزراعة» ، فلا شك أنها ، بسبب من المشابهة بعد مسيرة تطورية ، إنما تعني التربية والسلوك والمرانة.
ومن أجل هذا ، اقتضى جماع هذه المواد والأفكار أن يثقل رصيد هذه الكلمة ويزداد ثقلا يوما بعد يوم.
فماذا صنع المترجمون العرب؟
لقد أخذوا هذه الكلمة الواسعة فنظروا إليها بما يخدم السلوك والتربية ، فدخلت في عداد المعجم التربوي التعليمي ، ثم كتب لها أن تتسع فتغزو دوائر أخرى.
ثم كيف اختاروا مادة «ثقف» للدلالة الجديدة الوافدة؟
لقد وجدوا أن في هذه المادة العربية كلمة «ثقاف» ، وهو من أسماء الآلات والأدوات ، والثّقاف ما تقوّم به الرماح وتسوّى ، فاشتقوا منه مصدرا هو «الثقافة» ، لما في الأصل ، وهو اسم الآلة ، من معنى التقويم والتسوية والتعديل ، وكل ذلك يدخل في معاني التربية القائمة على تقويم السلوك البشري.
وعلى هذا نستطيع أن نقول : إن العربية البدوية ، بثروتها القديمة ذات الأصول البدوية ، قد أمدّت العربية الحضارية بمصدر لغوي كبير ، أفضى إلى مواد الحضارة المشهورة ، كالعقل والحكمة ، والحكم والحكومة ، والنقد والبناء ، والجمال وغير ذلك مما عرف في المعاني الحضارية. ولو أنك أعملت الفكر لاهتديت بيسر إلى تلك الأصول البدوية التي أوشك أن يمحي أثرها.
١٢ ـ وقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) [الآية ١١٨].
أريد أن أقف على الفعل «ألا ، يألو».
قالوا : ألا يألو ألوا وألوّا وأليّا ، وألّى يؤلّي تألية.
ومثلهما ائتلى بمعنى قصّر وأبطأ ، قال :