وإنّ كنائني لنساء صدق |
|
فما ألّى بنيّ ولا أساؤوا |
والعرب تقول : أتاني فلان في حاجة فما ألوت ردّه ، أي : ما استطعت. وأتاني في حاجة فألوت فيها ، أي : اجتهدت.
وقال الأصمعي : يقال : ما ألوت جهدا ، أي : لم أدع جهدا.
وقوله تعالى : (لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً) الآية ، أي : لا يقصّرون في فسادكم.
وقولهم : لا آلوك نصحا ولا آلوك جهدا ، والمعنى : لا أمنعك نصحا ولا أنقصكه.
أقول : هذا هو المعنى الذي ما نزال نستعمله في عربيتنا المعاصرة فنقول : فلان لا يألو جهدا في عمله ، أي : لا يقصر ، ولا ينقص من جهده.
ولكني أميل إلى أن أقرر أن المعاصرين التزموا ، في عربيتهم المعاصرة ، في الألفاظ والجمل والأبنية والصفات ، نماذج لا يحيدون عنها قيد أنملة ، وكأنّ العربية خلت من وجوه القول في هذه المسألة إلا ما ألفوا استعماله وسنشير إلى هذا الالتزام كلما عرض شيء من ذلك.
ألا ترى أنهم لزموا في الاستعمال الفعل المضارع المنفي ب «لا» ، ولم يدركوا أن الماضي «ألا» قد استعمله أهل الفصاحة طوال العصور. ولعل نفرا من العارفين بشيء من العلم اللغوي يقولون : «لم يأل جهدا» إذا ما أرادوا المضيّ.
وكنا قد مررنا بإيجاز على هذه المادة الغنية المعطاء.
١٣ ـ وقال تعالى : (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما) [الآية ١٢٢].
أقول : لنا في هذه الآية قولان : الأول في كلمة «همّت» ، والثاني في قوله : «تفشلا».
فأما الأول ، فقد قالوا : همّ بالشيء يهمّ همّا : نواه وأراده وعزم عليه.
وأهمّه الأمر : أقلقه وحزنه.
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) [يوسف / ٢٤].
غير أني أريد أن أشير إلى الفعل «همّ» في الآية ١٢٢ من سورة آل عمران. في قوله : (إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا) ومثله في [الآية ١١٣